قال القرطبي: الأول: الخطاب في قول الحسن وابن زيد والسدي: لأهل نجران. وفي قول قتادة وابن جريج وغيرهما: ليهود المدينة. خوطبوا بذلك لأنهم جعلوا أحبارهم في الطاعة لهم كالأرباب. وقيل: هو لليهود والنصارى جميعاً وفي كتاب النبي إلى هرقل: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى: "أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام". اسلم تسلم [وأسلم] يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فإن عليك إثم الأريسين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء (....). لفظ مسلم ...
الثانية: قوله -تعالى-: (وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ). أي: لا نتبعه في تحليل شيء أو تحريمه إلا فيما حلله الله -تعالى- وهو نظير قوله تعالى:(اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ). معناه: أنهم أنزلوهم منزلة ربهم في قبول تحريمهم وتحليلهم لما لم يحرمه الله ولم يحله الله ...
الثالثة:(فَإِن تَوَلَّوْاْ) أي: أعرضوا عما دعوا إليه: (فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ). أي: متصفون بدين الإسلام منقادون لأحكامه معترفون بما لله علينا في ذلك من المنن والإنعام غير متخذين أحداً ربا لا عيسى ولا عزيراً ولا الملائكة لأنهم بشر مثلنا محدث كحدوثنا، ولا نقبل من الرهبان شيئاً بتحريمهم علينا ما لم يحرمه الله علينا فنكون قد اتخذناهم أرباباً وقال عكرمة: معنى (يتخذ) يسجد وقد تقدم أن السجود كان إلى زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم نهى النبي معاذاّ لما أراد أن يسجد كما مضى في البقرة بيانه اهـ.
وقال ابن كثير: هذا الخطاب يعم: أهل الكتاب ومن جرى مجراهم: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ). والكلمة تطلق: على الجملة المفيدة كما قال ههنا ثم وصفها بقوله: