والسعي إلى الكنائس والبيع مع أهلها والتزيي بزيهم من شد الزنانير وفحص الرؤوس. فقد أجمع المسلمون على أن هذا لا يوجد إلا من كافر وأن هذه الأفعال علامة على الكفر وإن صرح فاعلها بالإسلام.
وكذلك أجمع المسلمون على تكفير كل من استحل القتل أو شرب الخمر أو الزنا مما حرمه الله بعد علمه بتحريمه كأصحاب الإباحة من القرامطة وبعض غلاة المتصوفة (١). ا. هـ.
[المبحث الأول: الشرك لا يجتمع مع الإسلام]
قلت: فانظر -رحمك الله تعالى- عندما تكلم القاضي -رحمه الله- عن: الشرك الأكبر فحكم على صاحبه بالكفر والردة، وإن كان صاحبها مصرحاً بالإسلام، ولم يذكر العلم بتحريمه.
وعندما تحدث: عن كفر من استحل القتل أو الزنا أو الخمر وقفه على علمه بتحريمه.
لأن الأول نقض للتوحيد ولعقد الإسلام الذي جرت أحكامه عليه بافتراض أنه متوفر لديه وأنه منخلع من الشرك فمتى بان عدم انخلاعه من الشرك أو رجوعه إليه رجع القتال وارتفعت عصمة الدم والمال مرة أخرى، بخلاف فرعيات الشريعة لأنه لم يدخل في الإسلام وجرت عليه أحكامه بالإقرار بها على التعيين بل بإقراره بالتوحيد.
فلذلك فهو أصل الدين الذي من تركه لا تنفعه جميع أنواع الطاعة وإن أتى بها فهي غير مقبولة بل حابطة. ويُغفر لمن أتى به كل ما هو دونه (أي: التوحيد) إن شاء الله -تعالى- لقوله تعالى:(إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ). ولقوله تعالى:(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
لذلك حكى إجماع المسلمين على أن عبادة غير الله لا توجد إلا من كافر أي: لا تصدر إلا من كافر، وإن كان صاحبه مصرحاً: بالإسلام مع فعله هذا الفعل أي كفر بمجرد
(١) كتاب الشفاء بشرح نور الدين القاري جـ: ٥ ص: ٤٠١: ٤٣١.