الأدلة من السنة المطهرة على عدم تأثير عارض الجهل في الردة
[المبحث الأول: حكم الاعتراض على حكم النبي صلى الله عليه وسلم]
الدليل الأول: وأما السنة المطهرة فأذكر أولاً عدة أحاديث مع تعليق مبسط عليها خشية الإطالة.
قال ابن تيمية:(بعد ذكر أحاديث الخوارج): ومن ذلك ما رواه ابن أبي عاصم وأبو الشيخ في الدلائل بإسناد صحيح عن قتادة عن عقبة بن وساج عن ابن عمر قال: أتى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بقليد من ذهب وفضة فقسمه بين أصحابه فقام رجل من أهل البادية فقال يا محمد والله لئن أمرك الله أن تعدل فما أراك تعدل فقال:"ويحك من يعدل عليك بعدي". فلما ولى قال:"ردوه علي رويدا". ومن ذلك قول الأنصاري الذي حاكم الزبير في شراج الحرة لما قال له، صلى الله عليه وسلم، "اسق يا زبير ثم سرح الماء إلى جارك". فقال: أن كان ابن عمتك؟ وحديث الرجل الذي قضى عليه فقال: لا أرضى ثم ذهب إلى أبي بكر ثم إلى عمر فقتله.
ولهذا نظائر في الحديث إذا تتبعت مثل الحديث المعروف عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن أخاه أتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: ... إن الناس يزعمون أنك تنهى عن الفيء وتستخل به فقال صلى الله عليه وسلم:"لئن كنت أفعل ذلك إنه لعلى وما هو عليهم خلوا له جيرانه" رواه أبو داود بإسناد صحيح.
فهذا وإن كان حكى القذف عن غيره فإنما قصد به انتقاصه وإيذاءه بذلك ولم يحكه على وجه الرد على من قاله. وهذا من أنواع السب.
ومثل حديث ابن إسحاق عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: ابتاع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، جزوراً من أعرابي بوسق من تمر الذخيرة فجاء به إلى منزله. فالتمس التمر فلم يجده في البيت قال: فخرج إلى الأعرابي فقال: "يا عبد الله إنا ابتعنا منك جزورك هذا بوسق من تمر