للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما هو معلوم من اعتقاده استدللنا به على أنه بدل اعتقاده. وعبدة الأوثان كانوا يقرون بالله -تعالى- قال الله -تعالى-: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) [الزخرف: ٨٧]. ولكن كانوا لا يقرون بالوحدانية قال الله -تعالى-: (إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ) [الصافات: ٣٥]. وقال فيما أخبر عنهم: (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) [ص:: ٥]. فمن قال منهم: لا إله إلا الله فقد أخبر بما هو مخالف لاعتقاده فلهذا جُعل ذلك دليل إيمانه فقال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" (١). اهـ.

[المبحث الرابع: كلمة التوحيد تعصم قائلها بشرط البراءة من الشرك]

وقال أبو بطين: وأيضاً فالمقصود من لا إله إلا الله: البراءة من الشرك وعبادة غير الله -تعالى- ومشركوا العرب يعرفون المراد منها لأنهم أهل لسان فإذا قال أحدهم: (لا إله إلا الله) فقد تبرأ من الشرك وعبادة غير الله -تعالى-. فلو قال: "لا إله إلا الله" وهو مصر على عبادة غير الله لم تعصمه هذه الكلمة لقوله -سبحانه وتعالى-: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ -أي شرك- وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه). وقوله: (فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ -إلى قوله- فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له". وهذا معنى قوله -تعالى-: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ -أي الطاعة- كُلُّهُ لِلّه). وهذا معنى لا إله إلا الله (٢) اهـ.

وقال صاحب تيسير العزيز الحميد (٣): فمن صرف شيئاً مما لا يصلح إلا لله من العبادات لغير الله فهو مشرك ولو نطق: بلا إله إلا الله إذ لم يعمل بما تقتضيه من التوحيد والإخلاص.

وقال في ص: ٥٨ وقد بين النبي بقوله: "وحده لا شريك له". تنبيهاً على أن الإنسان قد يقولها وهو مشرك: كاليهود والمنافقين وعباد القبور لما رأوا ان النبي دعا قومه إلى قول لا إله إلا الله ظنوا أنه إنما دعاهم إلى النطق بها فقط. وهذا جهل عظيم وهو -عليه السلام- إنما دعاهم إليها ليقولوها ويعملوا بمعناها ويتركوا عبادة غير الله. ولهذا قالوا: (أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ) [الصافات: ٣٦]. وقالوا: (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً) [ص:: ٥]. فلهذا: أبوا


(١) كتاب شرح السير الكبير جـ: ١ ص: ١٥٠.
(٢) مجموعة الرسائل والمسائل جـ: ٥ ص: ٤٩٥.
(٣) تيسير العزيز الحميد ص: ٥٤: ٦٠.

<<  <   >  >>