للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله" إذ كان يقولها في كفره. انتهى ملخصاً: ...

"قوله وحسابه على الله" أي: الله -تبارك وتعالى- وهو الذي يتولى حساب الذي يشهد بلسانه بهذه الشهادة، فإن كان صادقاً جازاه بجنات النعيم، وإن كان منافقاً عذّبه العذاب الأليم. وأما في الدنيا فالحكم على الظاهر، فمن أتى بالتوحيد ولم يأت بما ينافيه ظاهراً والتزم شرائع الإسلام وجب الكف عنه.

قلت (١): وأفاد الحديث أن الإنسان قد يقول: "لا إله إلا الله" ولا يكفر بما يعبد من دون الله، فلم يأت بما بعصم دمه وماله كما دل على ذلك الآيات المحكمات والأحاديث (٢) اهـ.

قلت: فهذا التفصيل والبيان لمعنى هذه الأحاديث التي جاءت في عصمة الدم والمال وبيان أن العلم بالشهادتين والتزام التوحيد والبراءة من الشرك شروط في إجراء الأحكام والانتفاع بها في الدارين بإجماع العلماء.

ونقل الشارح: كلام الإمامين أبي سليمان الخطابي، والقاضي عياض خير بيان لمناط (وكفر بما يعبد من دون الله) أي: من نطق بالشهادتين مع تلبسه بالشرك ساعة نطقه فلم يأت بالشرط الآخر وهو (وكفر بما يعبد من دون الله) فلا عصمة لدمه وماله والحال هكذا، وأما من أتى بالتوحيد ولم يأت بما ينافيه وقبل شرائع الإسلام فقد أتى بما يعصم دمه وماله ويحكم له بالإسلام في الظاهر وحسابه على الله.

قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني ذكر عن الحسن -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ... ".

قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل عبدة الأوثان وهم قوم لا يوحدون الله، فمن قال منهم: لا إله إلا الله كان ذلك دليلاً على إسلامه.

والحاصل أنه يحكم بإسلامه إذا أقرّ: بخلاف ما كان معلوماً من اعتقاده لأنه لا طريق إلى الوقوف على حقيقة الاعتقاد لنا فنستدل بما نسمع من إقراره على اعتقاده. فإذا أقرّ: بخلاف


(١) أي: صاحب فتح المجيد.
(٢) فتح المجيد ص: ١١١: ١١٥.

<<  <   >  >>