وكذلك أهل التصوف الذين يعتقدون أن الولي خير من النبي -صلى الله عليه وسلم- أو من يظن أن ثمّ طريق آخر إلى الله دون طريق النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وكذلك من يعتقد أن علم الشريعة وحدودها للعوام دون الخواص، ومن يظن أن شيخه ليس مناطاً بالتكاليف الشرعية لأنه قد وصل إلى علم اليقين وهذه المرتبة عندها تسقط التكاليف محتجاً بقوله تعالى:(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ).
فهؤلاء جميعاً ومن على شاكلتهم ينطبق عليهم قول الله -جل ثناؤه-: (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ). وهؤلاء كلهم قد ثبت بأقوالهم نفاقهم سواء كان صاحبه منافقاً قبل هذا القول أو حدث له النفاق به -والله أعلم-.
قال القاضي أبو بكر بن العربي: لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جد أو هزلاً، وهو كيفما كان كفر، فإن الهزل بالكفر كفر لا خلاف فيه بين الأمة، فإن التحقيق أخو الحق والعلم والهزل أخو الباطل والجهل (١) ا. هـ.
وقال القرطبي: قوله تعالى: (لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ). على جهة التوبيخ كأنه يقول: لا تفعلوا ما لا ينفع ثم حكم عليهم بالكفر وعدم والاعتذار من الذنب. ا. هـ.
وقال البغوي:(لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) فإن قيل: كيف قال: كفرتم بعد إيمانكم وهم لم يكونوا مؤمنين؟ قبل: معناه أظهرتم الكفر بعد ما أظهرتهم الإيمان. ا. هـ.
وقال ابن كثير: قال أبو معشر المديني عن محمد بن كعب القرطبي وغيره قالوا: قال رجل من المنافقين: ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطونا وأكذبنا ألسنة وأجبنا عند اللقاء. فرفع ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد ارتحل وركب ناقته فقال: