وهناك فريق يقول: إنه رسول الله في الظاهر ويعتقد بطلان رسالته في الباطن وهذا ضرب آخر من المنافقين والحديث يعم جميع أنواع المنافقين والله أعلم.
وموطن الاستدلال: أن هذا العبد الذي حقق الإسلام في الظاهر لكن بلا علم ويقين لم تتحقق له النجاة مع انتهائه عن الشرك والتزامه للشرع في الظاهر فكيف بمن لم يتحقق له العلم بمدلول الشهادتين والتبس بالشرك وفعله وحسّنه ودعا إليه ووالى أهله وقبّح التوحيد وتركه وصد الناس عنه وعادى أهله؟!
[المبحث الخامس: لب التوحيد معرفة الله]
الحديث الثاني: أخرج الشيخان واللفظ للبخاري -رحمه الله- عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن:"إنك ستأتي قوماً أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ... " الحديث.
قال الحافظ ففي رواية روح بن القاسم عنه:"فأول ما تدعوهم إليه عبادة الله فإذا عرفوا الله". وفي رواية الفضل بن العلاء عنه:"إلى أن يوحدوا الله فإذا عرفوا ذلك". ويجمع بينهما بأن المراد بعبادة الله: توحيده. وبتوحيده: الشهادة له بذلك ولنبيه بالرسالة. ووقعت البداءة بهما لأنهما أصل الدين الذي لا يصح شيء غيرهما إلا بهما. فمن كان منهم غير موحّد فالمطالبة متوجهة إليه بكل واحدة من الشهادتين على التعيين ومن كان موحداً فالمطالبة بين الإقرار بالوحدانية والإقرار بالرسالة وإن كانوا يعتقدون ما يقتضي: الإشراك أو يستلزمه كمن يقول: ببنوة عزير أو يعتقد التشبيه فتكون مطالبتهم بالتوحيد لنفي ما يلزم من عقائدهم. واستدل به من قال من العلماء: إنه لا يشترط التبري من كل دين يخالف دين الإسلام، خلافاً لمن قال: إن من كان كافراً بشيء وهو مؤمن بغيره لم يدخل في الإسلام إلا بترك اعتقاد ما كفر به. والجواب: أن اعتقاد الشهادتين يستلزم ترك اعتقاد التشبيه ودعوى بنوة عزير وغيره فيكتفي بذلك.
واستدل به على أنه لا يكفي في الإسلام الاقتصار على شهادة أن: لا إله إلا الله حتى يضيف إليها الشهادة لمحمد -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة وهو قول الجمهور، وقال بعضهم: يصير بالأولى