قلت: فالكفر الذي ينفيه ابن تيمية وابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب -رحمهم الله تعالى- هو الكفر الذي يستحق صاحبه العقوبة في الدارين القتل في الدنيا والخلود في النيران في الآخرة وهذا لا يكون إلا بعد الحجة الرسالية لأن العقوبة والعذاب متوقفة على بلاغ الرسالة لقوله تعالى:(وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) وهذا الكفر أصحابه إن كانوا واقعين في الشرك فهم مشركون وليسوا بمسلمين، وكفار لكن الكفر الغير معذب عليه وبرهان هذا ما يلي:
أولاً: النقاط الستة السابقة.
[المبحث الرابع: تعريف الكفر الذي ينفيه هؤلاء الأئمة]
ثانياً: قال ابن تيمية: فإن حال: الكافر لا تخلو من أن يتصور الرسالة أولا فإن لم يتصور فهو في غفلة عنها، وعدم إيمان كما قال تعالى:(وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً). وقال:(فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ).
لكن الغفلة المحضة لا تكون إلا لمن لم تبلغه الرسالة، والكفر المعذب عليه لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة ...
فكل مكذب لما جاءت به الرسل فهو كافر. وليس كل كافر مكذباً. بل قد يكون مرتاباً إن كان ناظراً فيه، أو معرضاً عنه بعد أن لم يكن ناظراً فيه وقد يكون غافلاً عنه لم يتصوره بحال. لكن عقوبة هذا موقوفة على تبليغ المرسل إليه (١). ا. هـ.
فانظر -رحمك الله- إلى قول الإمام في أول النقل فإن حال الكافر: لا تخلو من أن يتصور الرسالة أو لا ثم قال وأما الكفر المعذب عليه لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة وقوله العقوبة متوقفة على تبليغ المرسل إليه.
وقال -رحمه الله- منكراً على من يقول أن حسن التوحيد وقبح الشرك وإمكان المعاد لا يعلم بالعقل فقال:
وكثير من هؤلاء يعتقدون أن في ذلك ما لا يجوز أن يعلم بالعقل: كالمعاد؛ وحسن التوحيد، والعدل، والصدق، وقبح الشرك، والظلم، والكذب. والقرآن يبين: الأدلة العقلية