إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
لقد كثر في وقتنا هذا الكثير من التخبّط في أحكام التكفير والتبديع والتفسيق بين إفراط وتفريط، ولا يكون هذا إلا بسبب عدم ضبط قضية الإيمان إذ هي ميزان الأحكام الذي يجب أن توزن بها لا بغيرها.
وقد تسيّد فكر الإرجاء الساحة الإسلامية، وغلب على كثير من عقول الشيوخ والدعاة وطلاب العلم، وتستّر وتترّس الكفر والطغيان ودعاة العلمانية به حتى علت ورفرفت راياتهم وأعلامهم على ديار المسلمين، وأصبح في كل بيت من بيوتهم لهم فيه ذكر، نشأ على هذا الصغير، وهرم عليه الكبير، واشتدت غربة الإسلام وظلمة الفتن، وأصبح الرجل يُكفَّر بإخلاص التوحيد، ويبدع باتباع السنة، وأصبح المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، ولبست الطواغيت ثياب أمراء المؤمنين، وارتدى الزنادقة ثياب المصلحين الزهاد، وظهر أهل البدع بثياب أهل السنة وبدا الفساق والمجرمون بثياب أهل العدل والتقى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ