للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صرف ... "فلا إله إلا الله" لا تنفع إلا من عرف مدلولها نفياً وإثباتاً واعتقد ذلك وقبله وعمل به. وأما من قالها من غير علم واعتقاد وعمل فقد تقدم في كلام العلماء أن هذا جهل صرف فهي حجة عليه بلا ريب (١) اهـ.

وقال صاحب تيسير العزيز الحميد: قوله: "من شهد أن لا إله إلا الله". أي من تكلم بهذه الكلمة عارفاً لمعناها عاملاً بمقتضاها باطناً وظاهراً كما دل عليه قوله: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) [محمد: ٢٠]. وقوله: (إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [الزخرف: ٨٧]. أما النطق: بها من غير معرفة لمعناها ولا عمل بمقتضاها فإن ذلك غير نافع بالإجماع. وفي الحديث ما يدل على ذلك وهو قوله: "من شهد". إذ كيف يشهد وهو لا يعلم ومجرد النطق بشيء لا يسمى شهادة به (٢) اهـ.

قلت: فهذه الأدلة من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وأئمتها تدل بيقين على أن الشهادة لا تكون إلا بالنطق مع العلم والتصديق بالمعلوم على ما هو عليه. وأما النطق بلا علم فلا يسمى شهادة البتة.

فقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله". دل بيقين على اشتراط العلم بمدلول الشهادتين لعصمة الدم والمال والحكم بالإسلام وحتى لا يظن ظان من هذا الحديث أن العصمة موقوفة على التلفظ والعلم دون العمل بمقتضى الشهادتين تأتي الرواية الثالثة: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله".

[المبحث الثالث: الكفر بما يعبد من دون الله شرط في عصمة الدم والمال]

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب تعليقاً على حديث الباب: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله".

وهذا من أعظم ما يبين معنى "لا إله إلا الله" فإنه لم يجعل: التلفظ بها عاصماً للدم والمال، بل ولا معرفة معناها مع لفظها، بل ولا الإقرار بذلك، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله


(١) فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص: ٣٥: ٣٩.
(٢) تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد ص: ٥٣.

<<  <   >  >>