ثانياً: وعلى القول الآخر وهو أيضاً قول جماهير من السلف والخلف: إن الإشهاد حصل حقيقة.
[المبحث الثاني: توحيد الربوبية يستلزم توحيد الإلهية وهو الحجة عليه]
أقول فما من عبد ذاق طعم القرآن إلا ويعلم أن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الإلهية وأن القرآن كان يدعوهم (أي المشركين) ويقيم عليهم الحجة بالربوبية، للإلهية.
قال الإمام الشنقيطي في أضواء البيان عند قوله -تعالى-: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ). ويكثر في القرآن العظيم الاستدلال على الكفار باعترافهم بربوبيته -جل وعلا- على وجوب توحيده في عبادته ولذلك يخاطبهم في توحيد الربوبية باستفهام التقرير فإذا أقروا بربوبيته احتج بها عليهم على أنه هو المستحق لأن يعبد وحده ووبخهم منكراً عليهم شركهم به غيره مع اعترافهم بأنه هو الرب وحده لأن من اعترف بأنه هو الرب وحده لزمه الاعتراف بأنه هو المستحق لأن يعبد وحده ومن أمثلة ذلك قوله -تعالى-: (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ). إلى قوله:(فَسَيَقُولُونَ اللهُ). فلما أقروا بربوبيته وبخهم منكراً عليهم شركهم به غيره بقوله:(فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ). ومنها قوله -تعالى-: (قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ). فلما اعترفوا وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله:(قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ). ثم قال:(قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ). فلما أقروا وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله:(قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ). ثم قال:(قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) .. فلما أقروا وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله:(فَأَنَّى تُسْحَرُونَ). ومنها قوله -تعالى-: (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللهُ). فلما صح الاعتراف وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله:(قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً).