قال ابن كثير: يقول تعالى: قد خسر الذين فعلوا هذه الأفاعيل في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فخسروا أولادهم بقتلهم وضيقوا عليهم في أموالهم فحرموا أشياء ابتدعوها من تلقاء أنفسهم، وأما في الآخرة فيصيرون إلى شر المنازل بكذبهم على الله وافترائهم ....
. . . عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال إذا سرك أن تعلم جهل العرب فقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ -إلى قوله- قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ). وهكذا رواه البخاري منفرداً في كتاب مناقب قريش من صحيحه. ا. هـ.
قلت: فهذه الآية التي تتحدث عن قريش قبل البعثة أنهم مع جهلهم وافترائهم وقبل البيان من الله كانوا ضالين لأن ذلك كان في التشريع وهو من أخطر أنواع الشرك بل هو أساس كل شرك التشريع من دون الله لأن العبيد لو وقفوا على تشريع الله ولم يتعدوا حدوده لما وجدت شركاً ولا بدعة.
قال القرطبي:(وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ) قال مجاهد: يحملون وزر من أضلوه ولا ينقص من إثم المضل شيء. وفي الخير "أيما داع إلى ضلالة فاتبع فإن عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء وأيما داع إلى هدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء". أخرجه مسلم بمعناه و "من" للجنس لا للتبعيض.
فدعاة الضلالة عليهم مثل أوزار من اتبعهم. وقوله "بغير علم" أي: يضلون الخلق