قال القرطبي: أي: ما كنتم من قبل إنزاله (أي القرآن) إلا ضالين. ا. هـ.
وقول النبي، صلى الله عليه وسلم، في الحديث (ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي وعالة فأغناكم الله بي (١)).
وهذا عندما وجد بعض الأنصار من قسمته، صلى الله عليه وسلم، فهذه نصوص الكتاب والسنة أن المشركين قبل البيان كانوا من الضالين وكذلك قوله تعالى:(فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ)[الأعراف: ٣٠].
قال ابن كثير: قال ابن جرير الطبري: وهذا من أبين الدلالة على خطأ من زعم أن الله لا يعذب أحداً على معصية ركبها أو ضلالة اعتقدها، إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها فيركبها عناداً منه لربه فيها. لأن ذلك لو كان كذلك، لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضل وهو يحسب أنه هاد وفريق الهدى فرق. وقد فرق الله -تعالى- بين أسمائهما وأحكامهما في هذه الآية. ا. هـ.
وقال البغوي: فيه دليل على أن الكافر الذي يظن أنه في دينه على الحق والجاحد والمعاند سواء. ا. هـ.
قلت: فهذان إمامان جليلان من أئمة السنة ابن جرير الطبري وابن كثير وكذلك الإمام البغوي على أن هذه الآية التي بين أيدينا تنص على أن الكافر الذي يظن أنه على الحق والصراط المستقيم بيد أنه في حقيقة الأمر على سبيل من السبل بسبب الجهل والتأويل أنه عير معذور فثبت بهذا النص أن الكفر والشرك مستثنى من قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ).
قال ابن تيمية ولفظ "الضلال" إذا أطلق تناول من ضل عن الهدي سواء كان عمداً أو جهلاً ولزم أن يكون معذباً كقوله: (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءهُمْ ضَالِّينَ، فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ). وقوله: (رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا، رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ