للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابعة: قوله أو نطق بكلمة كفر ولم يعلم معناها فلا يكفر ذلك. هل المعنى: نطق بها ولم يعرف شرحها أو نطق بها ولم يعلم أنه تكفره؟

فأجاب. فالمسألة الأولى: قد استدل العلماء عليها بقوله تعالى في حق بعض المسلمين المهاجرين في غزوة تبوك: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ). وذكر السلف والخلف: أن معناها عام إلى يوم القيامة فيمن استهزأ بالله أو القرآن أو الرسول وصفة كلامهم أنهم قالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء. يعنون بذلك: رسول الله والعلماء من أصحابه، فلما نقل الكلام عوف بن مالك أتى القائل يعتذر أنه قاله على وجه اللعب كما يفعل المسافرون. فنزل الوحي أن هذا كفر بعد الإيمان ولو كان على وجه المزح. والذي يعتذر يظن أن الكفر إذا قاله جداً لا لاعباً ..

الرابعة: إذا نطق بكلمة الكفر ولم يعلم معناها صريح واضح أنه يكون نطق بما لا يعرف معناه، وأما كونه أنه لا يعرف أنها تكفره فيكفي فيه قوله: (لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ). فهم يعتذرون للنبي -صلى الله عليه وسلم- ظانين أنها لا تكفرهم، والعجب ممن يحملها على هذا وهو يسمع قوله تعالى: (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ) (وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ). أيظن أن هؤلاء ليسوا كفاراً؟ لكن لا تستنكر الجهل الواضح لهذه المسائل لأجل غربتها. (١) ا. هـ.

[المبحث الثالث: تنزيل آيات الكفار على من فعل فعلهم من المسلمين]

قلت: انظر -رحمك الله- إلى تنزيل الشيخ محمد بن عبد الوهاب للآيات التي جاءت في ذكر الكفار الأصليين على من فعل فعلهم من المسلمين. لأنه عند الاحتجاج بمثل هذه الآيات يرد فريق من الناس: أن هذه الآيات في الكفار الأصليين لا في المسلمين مستدلين خطأ بأقوال السلف في ذمهم للخوارج على أنهم أخذوا آيات نزلت في الكفار وحملوها على المسلمين وهذا صحيح. والفرق بين المسألتين أن الآيات التي احتج بها الخوارج وهي آيات الحاكمية نزلت في أناس من أهل الكتاب امتدت يدهم الخبيثة إلى تبديل الحدود


(١) المسألة (١٦) ص: ٤٤٧: ٤٥٢ من كتاب تاريخ نجد.

<<  <   >  >>