للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدالة على ذلك، وينكر على من لم يستدل بها، ويبين أنه بالعقل يعرف المعاد وحسن عبادته وحده وحسن شكره وقبح الشرك وكفر نعمه كما قد بسطت الكلام على ذلك في مواضع ..

فتارك الواجب وفاعل القبيح وإن لم يعذب بالآلام كالنار فيسلب من النعم وأسبابه ما يكون جزاءه. وهذا جزاء من لم يشكر النعمة بل كفرها -أن يسلبها فالشكر قيد النعم، وهو موجب للمزيد، والكفر بعد قيام الحجة موجب للعذاب وقبل ذلك ينقص النعمة ولا يزيد مع أنه لا بد من إرسال رسول يستحق معه النعيم أو العذاب، فإنه ما ثم دار إلا الجنة أو النار (١). ا. هـ.

انظر إلى قول الشيخ أن العقل يعلم به حسن التوحيد والمعاد وقبح الشرك. ولذلك فالكفر ثابت قبل الحجة لمخالفة حجية العقل والفطرة وهذا الكفر ينقص النعمة ولا يزيد والكفر بعد الحجة موجب للعذاب.

ولذلك قال: قالوا- أي: أهل السنة-: ولما كان العلم بالله إيماناً، والجهل به كفراً وكان العمل بالفرائض إيماناً، والجهل بها قبل نزولها ليس بكفر لأن أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد أقروا بالله أول ما بعث الله رسوله، صلى الله عليه وسلم، إليهم، ولم يعلموا الفرائض التي افترضت عليهم بعد ذلك فلم يكن جهلهم بذلك كفراً، ثم أنزل الله عليهم الفرائض فكان إقرارهم بها والقيام بها إيماناً، وإنما يكفر من جحدها لتكذيبه خبر الله، ولو لم يأت خبر من الله ما كان بجهلها كافراً وبعد مجيء الخبر، من لم يسمع بالخبر من المسلمين لم يكن بجهلها كافراً.

والجهل بالله في كل حال كفر قبل الخبر وبعد الخبر (٢). ا. هـ.

انظر لهذا النقل أن الجهل بالله كفر قبل الخبر وبعد الخبر والمقصود الجهل بتوحيده والدليل على ذلك: قوله أن أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد أقروا بالله أول ما بعث رسوله، صلى الله عليه وسلم، إليهم ومن المعلوم بيقين أن الإقرار هنا هو الإقرار بتوحيد الإلهية لا بتوحيد الربوبية الذي لا يفرق بين الموحدين والمشركين بل هو متوفر لديهم جميعاً- إذاً فالجهل بالله كفر قبل الخبر وبعد الخبر، لكن قبل الخبر ينقص النعمة ولا يزيد ومحرم على أصحابه دخول


(١) جـ: ١٦ ص: ٢٥٢: ٢٥٣ لمجموع الفتاوى.
(٢) جـ: ٧ ص: ٣٢٥ لمجموع الفتاوى.

<<  <   >  >>