الذخيرة ونحن نرى أنه عندنا فلم نجده". فقال الأعرابي: واغدراه واغدراه فوكزه الناس وقالوا: لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، تقول هذا؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، (دعوه) رواه ابن أبي عاصم وابن حبان في الدلائل.
فهذا الباب كله مما يوجب القتل ويكون به الرجل كافراً منافقاً حلال الدم، كان النبي صلى الله عليه وسلم، وغيره من الأنبياء يعفون ويصفحون عمن قاله امتثالاً لقوله تعالى:(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) ..
ويبين ذلك (أي عفوه، صلى الله عليه وسلم، عمن سبّه) ما روى إبراهيم بن الحكم بن أبان حدثني أبي عن عكرمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن أعرابياً جاء إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، يستعينه في شيء فأعطاه شيئاً ثم قال: "أحسنت لك؟ قال الأعرابي: لا ولا أجملت. قال: فغضب المسلمون وقاموا إليه فأشار إليهم أن كفوا ثم قام فدخل منزله ثم أرسل إلى الأغرابي فدعاه إلى البيت يعني أعطاه فرضي فقال: إنك جئتنا فسألتنا فأعطيناك فقلت ما قلت وفي أنفس المسلمين شيء من ذلك فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب من صدورهم ما فيها عليك قال: نعم فلما كان الغد أو العشى جاء وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إن صاحبكم جاء فسألنا فأعطيناه فقال ما قال وإنا دعوناه إلى البيت فأعطيناه فزعم أنه قد رضى أكذلك؟ قال الأعرابي: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً فقال النبي، صلى الله عليه وسلم، "ألا إن مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل كانت له ناقة فشردت عليه فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفوراً فناداهم صاحب الناقة خلوا بيني وبين ناقتي فأنا أرفق بها فتوجه لها صاحب الناقة بين يديها فأخذ لها من قمام الأرض فجاءت فاستناخت فشد عليها رحلها واستوى عليها وإنى لو تركتكم حين قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار".
ورواه أبو أحمد العسكري بهذا الإسناد قال: جاء أعرابي إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد أعطني فإنك لا تعطيني من مالك ولا مال أبيك فأغلظ للنبي، صلى الله عليه وسلم، فوثب إليه أصحابه فقالوا: يا عدو الله تقول هذا لرسول الله، صلى الله عليه وسلم،؟ وذكره بهذا يبين لك: أن قتل ذلك الرجل لأجل قوله ما قال كان جائزاً قبل الاستتابة وأنه صار كافراً بتلك الكلمة ولولا ذلك لما كان يدخل النار إذا قتل على مجرد تلك الكلمة بل كان يدخل الجنة لأنه مظلوم شهيد وكان قاتله دخل النار لأنه قتل مؤمناً متعمداً ولكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يبين أن قتله لم يحل لأن سفك الدم بغير حق من أكبر الكبائر