(سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ). أي: عدل ونصف نستوي نحن وأنتم فيها ثم فسرها بقوله: (أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ ...). لا وثناً ولا صليباً ولا صنماً ولا طاغوتاً ولا ناراً ولا شيء، بل تفرد العبادة لله وحده لا شريك له هذه دعوة جميع الرسل:(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ). ثم قال -تعالى-: (وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ). وقال ابن جريج يعني: نطيع بعضنا بعضاً في معصية الله. وقال: عكرمة يسجد بعضنا لبعض: (فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ). أي: إن تولوا عن هذا النصف وهذه الدعوة فاشهدوا أنتم على استمراركم على الإسلام الذي شرعه الله لكم، (ثم أخذ يذكر حديث هرقل) اهـ.
وقال الإمام الطبري: يعني بذلك جل ثناؤه قل يا محمد لأهل الكتاب وهم أهل التوراة والإنجيل "تعالوا" هلموا إلى "كلمة سواء" يعني: إلى كلمة عدل بيننا وبينكم، والكلمة العدل هي: أن نوحد الله فلا نعبد غيره، ونبرأ من كل معبود سواه، فلا نشرك به شيئاً، وقوله:(وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً) يقول: ولا يدين بعضنا لبعض في الطاعة فيما أمر به من معاصي الله ويعظمه بالسجود له كما يسجد لربه "فإن تولوا" يقول: فإن أعرضوا عما دعوتهم إليه من الكلمة السواء التي أمرتك بدعائهم إليها فلم يجيبوك إليها فقولوا أيها المؤمنون للمتولين عن ذلك: اشهدوا بأنا مسلمون ... وأما قوله:(وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً). فإن اتخاذ بعضهم بعضاً هو: ما كان بطاعة الاتباع الرؤساء فيما أمروهم به من معاصي الله وتركهم ما نهوهم عنه من طاعة الله كما قال جل ثناؤه: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً). (ثم ساق بسنده) عن ابن جريج قال: "وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً" يقول: لا يطيع بعضنا بعضاً في معصية الله ويقال: إن تلك الربوبية أن يطيع الناس: سادتهم وقادتهم في غير عبادة وإن لن يصلوا لهم .. وأما قوله:(فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ). فإنه يعني: فإن تولى الذين تدعوهم إلى الكلمة السواء عنها وكفروا فقولوا أنتم أيها المؤمنون لهم: اشهدوا علينا بأنا بم توليتهم عنه من توحيد الله وإخلاص العبودية له وأنه الإله الذي لا شريك له مسلمون يعني: خاضعون لله به متذللون له بالإقرار بذلك بقلوبنا وألسنتنا اهـ.
وقال الشوكاني:(وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً) تبكيت: لمن اعتقد ربوبية المسيح