الكاملة. ومعلوم أن هذا لا يكون إلا من الكافرين فإن الله عندما أمرنا أن نتبرأ من الكفار قال:(إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ). وعندما أخبر: عن البراءة من العصاة فقال: (فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ).
فالمسلم العاصي يتبرأ من فعله وعمله لا منه، ولا يتبرأ من العبد البراءة الكاملة إلا العبد المشرك.
ولم يسأل الصحابي الجليل السائلين هل أقمتما عليهم الحجة وأزلتما الشبهة ووجدت شروط التكفير وانتفت موانعه أم لا؟.
بل قوله -رضي الله عنه- فيهم ظاهر في تكفيرهم والتبري منهم بمجرد سماع مقالتهم وتابعه على هذا الحكم الأئمة الأعلام، بل كما قال القاضي عياض أن قائل هذا كافر بلا خلاف.
ومن المعلوم أن ما وقعوا فيه هو ما دون الشرك فكيف الحال بفعله؟
فأين المتهمون الذين يتهمون من يحكم على من وقع في عبادة غير الله -تعالى- بأنه مشرك ولا يستديم له تأويل ولا اشتباه لنقضه التوحيد الذي هو: أصل الأصول بماذا يحكمون على عبد الله بن عمر ومالك والشافعي وأحمد والقاضي عياض وابن تيمية وابن رجب بل على جماهير أئمة الإسلام؟ فهل أنتم منتهون؟!
الدليل الرابع: أخرج البخاري عن عكرمة قال "أتي علي -رضي الله عنه- بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: "لا تعذبوا بعذاب الله". ولقتلتهم لقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: "من بدل دينه فاقتلوه" (١). ا. هـ.
قلت: فهؤلاء القوم ادعوا في علي -رضي الله عنه- الإلهية فعندما جاءه خبرهم حرقهم واتفق علي وابن عباس -رضي الله عنهما-، على قتلهم، وإن اختلفوا في صفة القتل ولم يُذكر أن علياً عذرهم بجهلهم وأقام الحجة عليهم وأزال عنهم الشبهة، بل أقام عليهم حد الردة بمجرد نقضهم للتوحيد. وقد يقول قائل: إن علياً أقام عليهم الحجة بدليل أنه في بعض الروايات قال لهم: إنما أنا عبد مثلكم آكل الطعام ....
(١) صحيح البخاري -باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم.