للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).

فالمولى تبارك وتعالى لم يكن قط إلا إلهاً واحداً ولم يأذن في أي وقت بتعدد الآلهة فهو واحد في تألهه وهذا وصف لازم له لا ينفك عنه ولا يعبد إلا به ولا يكفي هذا في العبادة، بل يجب على المتوجه لله أن يكون مسلماً له أي: خاضعاً مستسلماً له وحده لا شريك له ظاهراً وباطناً ساعة التوجه لا تقع العبادة إلا بهذا.

وهذا ملخص تفسير شيخ الإسلام ابن تيمية لقوله تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ). ومن المعلوم أن المشرك جاهل بهذا كله.

قال ابن تيمية: وأهل النظر والكلام وأهل العقائد من أهل الحديث وغيرهم يتكلمون في العلم والمعرفة والتصديق الذي هو أصل الإرادة: ويقولون: العبادة لا بد فيها من القصد، والقصد لا يصح إلا بعد العلم بالمقصود المعبود، وهذا صحيح فلا بد من معرفة المعبود وما يعبد به.

فالضالون من المشركين والنصارى وأشباههم لهم عبادات وزهادات لكن لغير الله أو بغير أمر الله، وإنما القصد والإرادة النافعة هو إرادة عبادة الله وحده، وهو إنما يعبد بما شرع لا بالبدع وعلى هذين الأصلين يدور دين الإسلام: على أن يعبد الله وحده وأن يعبد بما شرع ولا يعبد بالبدع (١). ا. هـ.

وقال ابن القيم وهل تمكن عبادة الله التي هي حقه على العباد كلهم إلا بالعلم وهل ينال العلم إلا بطلبه (٢) اهـ.

وقال ابن تيمية عند تفسير سورة (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) فقوله (وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ) يتناول شركهم فإذا أشركوا به لم يكونوا عابدين له وإن دعوه وصلوا له ... وقال: فكل من عبد الله مخلصاً له الدين فهو مسلم في كل وقت.

قلت: وقرر الشيخ أنه لا يعبد إله إبراهيم إلا من كان على ملته. والمشرك ليس على ملة إبراهيم لأن ملته، صلى الله عليه وسلم، التوحيد والطاعة لله وحده لا شريك له وترك الشرك عن قصد وعلم كما قال يوسف (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ، وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ


(١) جـ: ١٩ ص: ١٧٢: ١٧٣ لمجموع الفتاوى.
(٢) هذه النقول قد مرت من قبل فلتراجع مصادرها.

<<  <   >  >>