للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن كثير في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ). إلى قوله: (فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة: ٢٢] ... ومضمونه أنه الخالق الرازق مالك الدار وساكنيها ورازقهم فبهذا يستحق أن يعبد وحده ولا يشرك به غيره اهـ.

وقال البغوي فيها: (اعْبُدُواْ). وحدوا: قال ابن عباس كل ما ورد في القرآن من العبادة فمعناها: التوحيد ... (فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً). أي: أمثالاً تعبدونهم كعبادة الله .. (وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ). أنه واحد خالق هذه الأشياء اهـ.

وقال ابن تيمية: وهذا التوحيد (أي توحيد الألوهية) هو الفارق بين الموحدين والمشركين وعليه يقع الجزاء والثواب في الأولى والآخرة. فمن لم يأت به كان من المشركين الخالدين. فإن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. أما توحيد الربوبية: فقد أقر به المشركون وكانوا يعبدون مع الله غيره ويحبونهم كما يحبونه فكان ذلك التوحيد الذي هو توحيد الربوبية حجة عليهم فإذا كان الله هو رب كل شيء ومليكه ولا خالق ولا رازق إلا هو فلماذا يعبدون غيره معه وليس له عليهم خلق ولا رزق ولا بيده لهم منع ولا عطاء بل هو عبد مثلهم لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً؟ (١) اهـ.

وقال ابن القيم والإلهية التي دعت الرسل أممهم إلى توحيد الرب بها: هي العبادة والتأله. ومن لوازمها: توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون فاحتج الله عليهم به فإنه يلزم من الإقرار به الإقرار بتوحيد الإلهية (٢) اهـ.

وقال محمد بن عبد الوهاب وقد استدل عليهم -سبحانه- بإقرارهم بتوحيد الربوبية على بطلان مذهبهم لأنه إذا كان هو المدبر وحده وجميع من سواه لا يملكون مثقال ذرة فكيف يدعونه ويدعون معه غيره مع إقرارهم بهذا؟ (٣) اهـ.

قلت: فهذه نقول العلماء تنص على أن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الإلهية، وأن القرآن قد أقام الحجة على المشركين به. فكما أن ربوبية ما سواه باطلة بإقرارهم فكذلك إلهية ما سواه.


(١) جـ: ١٤ ص: ٣٨٠ لمجموع الفتاوى.
(٢) إغاثة اللهفان جـ: ٢ ص: ١٣٥ - دار المعرفة- بيروت- لبنان.
(٣) كتاب الرسائل الشخصية من تاريخ نجد ص: ٤٣٢.

<<  <   >  >>