للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للإسلام، فإنه لو قالها أحد من أهل الجاهلية وعكف على صنمه يعبده لم يكن ذلك إسلاماً (١) اهـ.

وقال أيضاً لا شك أن من قال: لا إله إلا الله، ولم يتبين من أفعاله ما يخالف معنى التوحيد، فهو مسلم محقون الدم والمال إذا جاء بأركان الإسلام المذكورة في حديث: "أمرت أن أقاتل الناس ... ".

وهكذا من قال: لا إله إلا الله متشهداً بها شهادة الإسلام ولم يكن قد مضى عليه من الوقت ما يجب فيه شيء من أركان الإسلام، فالواجب حمله على الإسلام عملاً بما أقر به لسانه وأخبر به من أراد قتاله، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: لأسامة بن زيد ما قال، وأما من تكلم بكلمة التوحيد وفعل أفعالاً تخالف التوحيد، كاعتقاد هؤلاء المعتقدين في الأموات، فلا ريب أنه قد تبين من حالهم خلاف ما حكته ألسنتهم من إقرارهم بالتوحيد، ولو كان مجرد التكلم بكلمة التوحيد موجباً للدخول في الإسلام والخروج من الكفر، سواء فعل المتكلم بها ما يطابق التوحيد أو ما يخالفه، لكانت نافعة لليهود مع أنهم يقولون: عزير ابن الله، وللنصارى مع أنهم يقولون: المسيح ابن الله، وللمنافقين مع أنهم يكذبون بالدين، ويقولون: بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وجميع هذه الطوائف الثلاث يتكلمون بكلمة التوحيد (٢) اهـ.

وقال أيضاً -رحمه الله منكراً على من اعتبر التلفظ بالشهادتين دون العمل بمعناهما، قال: وبالجملة فالسيد المذكور -رحمه الله- قد جرد النظر في بحثه السابق إلى الإقرار بالتوحيد الظاهري، واعتبر مجرد التكلم بكلمة التوحيد فقط من دون نظر إلى ما ينافي ذلك من أفعال المتكلم بكلمة التوحيد، ويخالفه من اعتقاده الذي صدرت عنه تلك الأفعال المتعلقة بالأموات، وهذا الاعتبار لا ينبغي التعويل عليه ولا الاشتغال به، فالله سبحانه إنما ينظر إلى القلوب وما صدر من الأفعال عن اعتقاد لا إلى مجرد الألفاظ، وإلا لما كان فرّق بين المؤمن والمنافق (٣) اهـ.


(١) الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد ص: ٤٠.
(٢) ص: ٤٢ المصدر السابق.
(٣) ص: ٦٧: ٦٨ المصدر السابق.

<<  <   >  >>