"الطبقات" الذي أخبرنا به الإمامُ الزاهدُ، أبو محمد عبدُ الرحمن بنِ يوسف بنِ محمدٍ قراءة عليه، أخبركم الفقيه أبو محمد عبدُ الرحمن بن إبراهيم بن أحمدَ المقدسيُّ، أخبرنا عبدُ المغيث بنُ زهير الحربي، أخبرنا القاضي أبو الحسين -رحمه الله-، فقال: الوالدُ السعيدُ أبو يعلى كان عالم زمانه، وفريد عصره، ونسيج وحدِه، وقريَع دهره، وكان له في الأصول والفروع القدم العالي، وفي شرف الدين والدنيا المحلُّ السامي والخطرُ الرفيع عندَ الإمامين القادرِ والقائِم وأصحاب أحمدَ -رحمه الله تعالى-، له يتبعون، ولتصانيفه يدرُسون ويدرِّسون، وبقوله يُفتون، والفقهاء على اختلاف مذاهبهم وأصولهم كانوا عنده يجتمعون، ولمقالته يسمعون ويطيعون، وبالائتمام به يقتدون، وقد شوهد له من الحال، ما يُغني عن المقال، لا سيما مذهب إمامنا أبي عبد الله أحمدَ بنِ محمد بن حنبل، واختلاف الروايات عنه، وغير ذلك من العلوم، مع الزهد والورع والعفة والقناعة، وانقطاعه عن الدنيا وأهلها، واشتغاله بسطر العلم وبثه، وإذاعته ونشره، وكان والده أبو عبد الله أحدَ شهود الحضرة بمدينة السلام، صحبَ ابنَ حامد إلى أن توفي ابنُ حامد سنة ٤٠٣ ثلاث وأربع مئة، وبرع في ذلك ولده -: يعني القاضي أبا يعلى- لتسع وعشرين، أو ثمان وعشرين ليلة خلت من المحرم سنة ٣٨٠ ثمانين وثلاث مئة، وتوفي ليلة الاثنين بين العشاءين تاسع عشر رمضان سنة ٤٥٨ ثمان وخمسين وأربع مئة، وصلى عليه أخي أبو القاسم يوم الاثنين بجامع المنصور، ودفن في مقبرة الإمام أحمد -رضي الله عنه-. انظر ترجمته في:"طبقات الحنابلة"(٢/ ١٩٣).