هو الحسنُ بنُ حامدِ بنِ عليّ بنِ مروانَ، أبو عبد الله، البغداديُّ، إمامُ الحنابلة في زمانه، ومدرّسهم، ومفتيهم، له المصنفات في العلوم المختلفات، له "الجامع في المذهب" نحوًا من أربع مئة جزء، وله "شرح الخرقي"، و"شرح أصول الدين"، و"أصول الفقه". سمع أبا بكر بنَ مالك، وأبا بكر الشافعي، وأبا بكر النجاد، وأبا علي الصواف، وأحمد بن سلم الختلي، ومن أصحابه القاضي أبو يعلى، وأبو إسحاق، وأبو العباس البرمكيان، وأبو طاهر بن العشاوي، وأبو بكر بن الخياط، وله المقام المشهود في الأيام القادرية، ناظر أبا حامد الإسفراييني في وجوب الصيام ليلة الإغمام في دار الإمام القادر بالله؛ بحيث يسمع الخليفة للكلام، فخرجت الجائزة السنية له من أمير المؤمنين، فردَّها مع حاجته إلى بعضها، فضلًا عن جميعها؛ تعففًا، وتنزُّها، روي أنه كان يبتدئ في مجلسه بإقراء القرآن، ثم بالتدريس، ثم ينسخ بيده، ويقتات من أجرته، فسمي الورَّاقَ من أجل ذلك، وأنه كان في كثير من أوقاته إذا اشتهت نفسُه الباقلاء، لم يأكل معه دهنًا، وإذا كان دهنٌ لم يجمعْ بينه وبين الباقِلاء، وكان -رحمه الله- كثير الحج، فعوتب في ذلك لكبر سنه، فقال: لعل الدرهم الزيف يخرج مع الدراهم الجيدة. حُكي أن إنسانًا جاءه بقليل ماء، وهو مستند إلى حجر، وقد أشرف على التلف، فأمومأ إلى الجائي له بالماء من أين هو؟ وإيش وجهه؟ فقال له: هذا وقته؟ فأومأ أن نعم عند لقاء الله -عَزَّ وَجَلَّ- أحتاج أن أدري ما وجهُه، أو كما قال.
وتوفي راجعًا من مكة بقرب واقصة سنة ٤٠٣ ثلاث وأربع مئة -