للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويَحسُنُ بسطُ القول في هذه المواطن وذكرُ الأدلَّةِ الحاثَّةِ على تلك المصالح الشرعية، وإِظهارُ النكيرِ في الفُتيا على مُلابِس المنكراتِ المجمَعِ على تحرِيمها وقُبحها. ولا ينبغي ذلك في غير هذه الَمواطن بل الإقتصارُ على الجواب.

ومتى كان للمسألة شروطٌ وتفاصيلُ منها قريب ومنها بعيد: فالمتعيِّنُ على المفتي ذكرُ الشروطِ والتفاصيلِ القريبة دون البعيدة، فإِذا سُئلَ عن مُطَلِّقٍ هل له الرَّجعةُ أم لا؟ فيَذكرُ شروطَ كونِها بعد الدخول، ودُونَ العَدَدِ المُحوِجِ لنكاح زوجٍ ثان، ويَذكُرُ عدَمَ انقضاء العِدَّة، ونحوَ ذلك. ولا يَذكرُ الرِّدَّةَ الطارئةَ على أحدِ الزوجين ونحوَها لكونِها نادرةً في الوجود. وعلى هذا المنوال يذكرُ أبدًا القريبَ دون البعيد النادر.

ولو وجَبَ على المفتي أن يَذكر جميعَ ما يتعلَّقُ بالفُتيا من الشُّروطِ والتفاصيلِ وإِن بَعُدَ لصارت الفُتيا في نحوِ المجلَّد الكبير، وهذا فسادٌ عظيم في ضياع الوقت والورقِ والفهم.

ولا ينبغي للمفتي (١): إِذا كان في المسألة قولانِ أحدُهما فيه تشديدٌ والآخَرُ فيه تخفيف: أن يُفتي العامَّةَ بالتشديد، والخواصَّ من ولاةِ الأمور بالتخفيف، وذلك قريبٌ من الفسوقِ والخيانةِ في الدّين، والتلاعبِ بالمسلمين، ودليلُ فراغِ القلب من تعظيمِ الله تعالى وإِجلاله وتقواه، وعِمارتِه باللَّعبِ وحُب الرياسة والتقرُّبِ إِلى الخلق دون الخالق! نعوذ بالله تعالى من صفاتِ الغافلين (٢).


(١) هذا المقطع إلى آخره منقول في "تبصرة الحكام" ١: ٥١ - ٥٢، ٥٥ - ٥٦.
(٢) وقد سقط كثير من المفتين، ولحقتهم الكراهة والزَّرَايةُ، من جَرَّاء تفرِقتهم =

<<  <   >  >>