للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ثم ما ذُكِرَ من نفاذِ قضاءِ القاضي - في محل الإجتهاد - بما يؤدي إليه اجثهادُه: إذا لم يكن المَقْضي عليه والمَقْضِي له من أهل الرأي والإجتهاد، أو كانا من أهلِ الرأي والإجتهاد، ولكن لم يُخالِف رأيُهما رأي القاضي.
فأمَّا إذا كانا من أهل الإجتهاد وخالَفَ رأيُهما رأيَ القاضي، فجملةُ الكلام فيه أن قضاء القاضي يَنْفُذُ على المقضيِّ عليه في محل الإجتهاد، سواء كان المقضيُّ عليه عاميَّاً مقلِّداً، أو فقيهاً مجتهداً يُخالِفُ رأيُه رأيَ القاضي بلا خلاف، أمَّا إذا كان مقلِّداً فظاهر، لأنَّ العاميَّ يلزمُه تقليدُ المفتي، فتقليدُ القاضي أولى، وكذا إذا كان مجتهداً، لأنَّ القضاء في محل الإجتهاد بما يؤدِّي إليه اجتهادُ القاضي قضاءٌ مجمَعٌ على صِحَتِه على ما مَرّ، ولا معنى للصحة إلَّا النَّفاذُ على المقضيِّ عليه.
وصُورةُ المسألة: إذا قال الرجلُ لامرأته: أنتِ طالق البتة، ورأيُ الزوج أنَّهُ واحدةٌ يَملِكُ الرجعة، ورأيُ القاضي أنه بائنٌ، فرافعَتْهُ المرأة إلى القاضي فقَضَى بالبينونة، يَنفُذُ قضاؤه بالإتفاق لما قلنا.
وأمّا قضاؤه للمقضِّي له بما يُخالِفُ رأيَه هل يَنفُذُ؟ قال أبو يوسف: لا يَنفُذُ، وقال محمد يَنْفُذُ، وصورةُ المسئلة إذا قال الرجل لامرأته: أنتِ طالق البتة، ورأيُ الزوج أنه بائن، ورأيُ القاضي أنه واحدةٌ يَملِكُ الرجعة، فرافَعَتْهُ إلى القاضي، فقضى بتطليقةِ واحدةِ يَملِكُ الرجعة، لا يَحِل له المُقامُ معها عند أبي يوسف، وعند محمد يَحِلُّ له.
وَجْهُ قول محمد: ما ذكرنا أن هذا قضاء وقع الإتفاقُ على جوازه، لوقوعه في
فَضلِ مجتهدٍ فيه، فيَنفُذُ على المقضيّ عليه والمقْضِي له لأن القضاء له تعلقٌ بهما جميعاً، ألا تَرى أنه لا يصح إلاَ بمطالبة المقضيّ له.
ولأبي يوسف: أنَّ صحة القضاء إنفاذُهُ في محل الإجتهادِ يَظهرُ أثرُهُ في حقّ المقضيّ عن، لا في حق المقضى له، لأنَّ المقضي عليه مجبورٌ في القضاء عليه، فأمَّا المقضيُّ له فمختارٌ في القضاء له، فلو اتَبعَ رأيَ القاضي إنما يَتَبعُه تقليداً. وكونُهُ مجتهداً يمنعُ من التقليد، فيجبُ العملُ برأي نفسِه.
وعلى هذا: كلُّ تحليل أو تحريم، أو إعتاقٍ، أو أخذِ مال، إذا قَضَى القاضي بما =

<<  <   >  >>