وطيها وخروج الملك بها في يده لغوا لا فائدة في ذكره، وما لزم عليه ما ذكرنا فهو قول سوء يجب اطراحه ورده.
الوجه الثاني: أن يقال: لا شك أن الله عالم بخاتمة حياة كل إنسان، وعلمه بذلك أزلي لا أول له، وأما كتابة الملك لما يتعلق بالجنين وهو في بطن أمه فكان أولها حين حملت حواء بأول أولادها ولا تزال مستمرة لكل جنين إلى يوم القيامة، ومن جعل هذه الكتابة وعلم الله الأزلي شيئا واحدا فقد جمع بين ما فرق الله بينه وتأول كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على غير ما يراد به.
وأما قوله عن الذي يختم له بسوء الخاتمة أنه الرجل يولد مؤمنا بين أبوين مؤمنين فهو يؤمن بالله ويحافظ على فرائض الله من صلاته وصيامه وسائر واجباته ويجتنب المحرمات والمنكرات ويسير على هذه الطريقة المستقيمة غالب عمره ثم يطرأ عليه الإلحاد وفساد الاعتقاد فيكذب بالقرآن ويكذب بالرسول فيرتد عن دينه فيموت على سوء الخاتمة فيدخل النار بسبب كفره وإلحاده الذي هو خاتمة حياته، وليس سبق الكتاب الذي هو عبارة عن سبق علم الله بتطور حالة هذا الشخص هي التي حملته على الردة وعلى سوء الخاتمة وإنما وقعت بفعله واختياره لنفسه.
فجوابه: أن يقال: ليس من شرط الذي يختم له بسوء الخاتمة أن يولد بين أبوين مؤمنين كما قاله ابن محمود، بل قد يولد بين أبوين كافرين ثم يسلم وقد يولد بين أبوين أحدهما مسلم والآخر كافر ويكون هو مسلما وقد يولد بين أبوين مسلمين وينشأ على الإسلام ويعمل بعمل أهل الجنة فإذا كان في آخر عمره عمل بعمل أهل النار فدخل النار، وإنما يسير في جميع أحواله وأعماله الصالحة والطالحة منذ نشأته