وقال البغوي في تفسيره: قال ابن عباس رضي الله عنهما: كانت الغنائم حراما على الأنبياء والأمم وكانوا إذا أصابوا شيئا من الغنائم جعلوه للقربان فكانت تنزل نار من السماء فتأكله، فلما كان يوم بدر أسرع المؤمنون في الغنائم وأخذوا الفداء فأنزل الله عز وجل {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} يعني: لولا قضاء من الله سبق في اللوح المحفوظ بأنه يُحل لكم الغنائم.
وقال ابن كثير في تفسيره: قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} يعني: في أم الكتاب الأول أن المغانم والأسارى حلال لكم لمسكم فيما أخذتم من الأسارى عذاب عظيم. انتهى.
أما النصوص من السنة على إثبات كتابة المقادير فهي كثيرة جدا وقد تقدم منها ثلاثة أحاديث، أولها حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة قال: وعرشه على الماء» رواه الإمام أحمد ومسلم والترمذي وعبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة والآجري في كتاب الشريعة وهذا لفظ مسلم وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
قال النووي في شرح مسلم: قال العلماء: المراد تحديد وقت الكتابة في اللوح المحفوظ أو غيره لا أصل التقدير فإن ذلك أزلي لا أول له. انتهى.
الثاني: حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جاء سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن فيم العمل اليوم أفيم جفت به الأقلام وجرت به المقادير أم فيما نستقبل؟ قال:«بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير» قال: ففيم العمل؟ فقال:«اعملوا فكل ميسر» رواه الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، ومسلم، وعبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة، وأبو بكر الآجري في كتاب الشريعة.
وقد رواه ابن حبان في صحيحه ولفظه عن جابر رضي الله عنه أن سراقة بن جعشم قال: يا رسول الله أخبرنا عن أمرنا كأننا ننظر إليه أبما جرت به الأقلام وثبتت به المقادير أو بما يستأنف قال: «بل بما جرت به الأقلام وثبتت به المقادير» قال: ففيم العمل إذا؟ قال:«اعملوا فكل ميسر»