قال النووي في شرح مسلم: المراد بجميع ما ذكر من الرزق والأجل والشقاوة والسعادة والعمل والذكورة والأنوثة أنه يظهر ذلك للملك ويأمره بإنفاذه وكتابته وإلا فقضاء الله تعالى سابق على ذلك وعلمه وإرادته لكل ذلك موجود في الأزل قال: وفي هذا الحديث تصريح بإثبات القدر. انتهى.
وسيأتي في كلام ابن القيم أن حديث ابن مسعود وما في معناه كلها تدل على إثبات القدر السابق.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في ذكر فوائد حديث ابن مسعود رضي الله عنه: وفيه أن الأعمال حسنها وسيئها أمارات وليست بموجبات وأن مصير الأمور في العاقبة إلى ما سبق به القضاء وجرى به القدر في الابتداء قاله الخطابي.
وقال الحافظ أيضا: وفيه أن في تقدير الأعمال ما هو سابق ولاحق فالسابق ما في علم الله تعالى واللاحق ما يقدر على الجنين في بطن أمه، كما وقع في هذا الحديث، وهذا هو الذي يقبل النسخ، وأما ما وقع في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة» فهو محمول على كتابة ذلك في اللوح المحفوظ على وفق ما في علم الله سبحانه وتعالى.
وقال الحافظ أيضا: وفي الحديث أن الأقدار غالبة والعاقبة غائبة فلا ينبغي لأحد أن يغتر بظاهر الحال ومن ثم شرع الدعاء بالثبات على الدين وبحسن الخاتمة. انتهى.
وقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم له عمله بعمل أهل النار، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار ثم يختم له عمله بعمل أهل الجنة».