التنبيه الرابع: قال ابن محمود في صفحة ١٧ و ١٨ ما نصه:
وهنا حديث يجادل به أهل الجدل من أهل القدر وهو في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اِلْتقى آدم وموسى فقال موسى: أنت آدم أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وعلمك أسماء كل شيء فبما أخرجتنا ونفسك من الجنة، فقال آدم: أنت موسى رسول الله وكلمك الله تكليما وقد قرأت التوراة أفلا وجدت فيها (وعصى آدم ربه فغوى) وذلك قبل أن أخلق بأربعين عاما، قال: بلى قال: فلم تلومني على أمر قدره عليَّ، قال: فحج آدم موسى».
وهذا الحديث من مشكل الآثار، وقد ألحق به ابن حجر في فتح الباري عدة إشكالات كثيرة، أهمها أنه مخالف لنص القرآن في قصة آدم في قوله:{وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} وفي قوله: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} فلم يحتج آدم على ربه بكتابة المقادير بل اعترف بذنبه ولجأ بالتوبة إلى ربه، ومنها أنه يقوي مذهب الجبر المخالف للكتاب والسنة وإجماع الصحابة وسلف الأمة، ثم هذا اللقاء هل هو بالأرواح في الدنيا أم هو يوم القيامة حين يبعث الناس من قبورهم وتسقط عنهم التكاليف الشرعية؟ إلى غير ذلك مما ذكر ج ١١ ص ٤٠٦.
وأقول: إن في كلام ابن محمود عدة أخطاء، أحدها قوله: إن هذا الحديث من مشكل الآثار، وهذا يقتضي الطعن في صحة الحديث والتوقف عن قبوله وهو قول القدرية كما سيأتي بيانه، فأما أهل السنة والجماعة فإنهم قد تلقوا هذا الحديث بالقبول والتسليم واتفقوا على صحته وثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم.