هذا كلام ابن محمود في القضاء والقدر وقد صرح أن معناهما إيجاد هذا العالم مقدرا بمقادير متقنة مضبوطة محكومة بسنن لا تقبل التغيير ولا التبديل وأن الله قد فرغ من ذلك فراغا لا يعقبه تعديل ولا تبديل ولا زيادة ولا نقص {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}، وكلامه على الآيات التي تقدم ذكرها كله من باب واحد وهو أن القضاء والقدر معناهما خلق الأشياء بنظام وإتقان ثابت لا يتغير بتغير الزمان كل شيء بحسبه. وقد صرح أيضا في أول صفحة ١٣ أن القضاء هو الفراغ من صنع هذه المخلوقات وأن القدر هو ما ذكر في قوله:{وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} وفي قوله: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} ثم قال: فهذا معنى حقيقة القضاء والقدر وأنه خلق الأشياء بنظام وإتقان ثابت لا يتغير بتغير الزمان كل شيء بحسبه.
وأقول: إن كلام ابن محمود الذي ذكرنا ليس فيه إيمان بالقضاء والقدر على طريقة أهل السنة والأثر وإنما فيه الإيمان بخلق الله للأشياء بنظام وإتقان ثابت لا يتغير.
وهذا القول موافق لقول الكافر القصيمي في أغلاله فإنه قال في صفحة ٢٥٢ من كتابه الأغلال ما نصه وقوله:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ}، القضاء هنا هو القضاء الذي يقرن مع القدر.
قال الشيخ عبد الله بن علي بن يابس رحمه الله تعالى في الرد عليه:
الجواب: كلا، فإن القضاء هاهنا هو التمام والفراغ ولا معنى لأن يكون هو الكتابة.
ثم قال الملحد الخبيث في صفحة ٢٥٣ ما نصه:(وإذا فالأقدار هي النظام).