قد قال شارح العقيدة الطحاوية بعد ما ذكر حديث جابر وحديث ابن عباس رضي الله عنهم في ذكر الأقلام وكتابة المقادير؛ قال: وقد جاء الأقلام في هذه الأحاديث وغيرها مجموعة فدل ذلك على أن للمقادير أقلاما غير القلم الأول الذي تقدم ذكره مع اللوح المحفوظ، والذي دلت عليه السنة أن الأقلام أربعة: القلم الأول العام الشامل لجميع المخلوقات وهو الذي تقدم ذكره مع اللوح المحفوظ. القلم الثاني خبر خلق آدم وهو قلم عام أيضا لكن لبني آدم. ورد في هذا آيات تدل على أن الله قدر أعمال بني آدم وأرزاقهم وآجالهم وسعادتهم عقيب خلق أبيهم. القلم الثالث حين يرسل الملك إلى الجنين في بطن أمه فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد كما ورد ذلك في الأحاديث الصحيحة.
القلم الرابع الموضوع على العبد عند بلوغه الذي بأيدي الكرام الكاتبين الذين يكتبون ما يفعله بنو آدم كما ورد ذلك في الكتاب والسنة، وإذا علم العبد أن كلا من عند الله فالواجب إفراده سبحانه بالخشية والتقوى. انتهى.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه (شفاء العليل) بعد أن ساق حديث ابن مسعود وما في معناه كحديث أنس وحديث حذيفة بن أسيد وغيرها من الأحاديث التي فيها النص على كتابة رزق الجنين وأجله وذكورته أو أنوثته وشقاوته أو سعادته؛ قال: فاجتمعت هذه الأحاديث والآثار على تقدير رزق العبد وأجله وشقاوته أو سعادته وهو في بطن أمه واختلفت في وقت هذا التقدير. وهذا تقدير بعد التقدير الأول السابق على خلق السموات والأرض، وبعد التقدير الذي وقع يوم استخراج الذرية بعد خلق أبيهم آدم. ففي حديث ابن مسعود أن هذا التقدير يقع بعد مائة وعشرين يوما من حصول النطفة في الرحم. وحديث أنس غير مؤقت. وأما حديث حذيفة بن