ويؤمنون أن الله تعالى أوجد الخلائق بعد كتابة المقادير بخمسين ألف سنة على وفق ما قدره وقضاه وكتبه في اللوح المحفوظ -وهو أم الكتاب-، وكذلك كل كائن إلى يوم القيامة فهو مما قدره وقضاه وكتبه في اللوح المحفوظ.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه (شفاء العليل) في الكلام على قول الله تعالى: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}:قال ابن عباس رضي الله عنهما في اللوح المحفوظ المقري عندنا، قال مقاتل: إن نسخته في أصل الكتاب وهو اللوح المحفوظ. وأم الكتاب أصل الكتاب، وأم كل شيء أصله. والقرآن كتبه الله في اللوح المحفوظ قبل خلق السموات والأرض كما قال تعالى:{بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}.
وأجمع الصحابة والتابعون وجميع أهل السنة والحديث أن كل كائن إلى يوم القيامة فهو مكتوب في أم الكتاب وقد دل القرآن على أن الرب تعالى كتب في أم الكتاب ما يفعله وما يقوله، فكتب في اللوح أفعاله وكلامه، فتبت يدا أبي لهب في اللوح المحفوظ قبل وجود أبي لهب انتهي.
وقال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في (العقيدة الواسطية): وتؤمن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة بالقدر خيره وشره، والإيمان بالقدر على درجتين، كل درجة تتضمن شيئين:
فالدرجة الأولى الإيمان بأن الله تعالى علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلا، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق. فأول ما خلق الله القلم قال له: اكتب قال: ما أكتب، قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة،