للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم تقدر له، وهذا كما قال الله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك».

وقال ابن محمود في صفحة ١١ و ١٢ و ١٣ ما ملخصه:

أن القدر يدل بمنطوقه ومفهومه على قدرة الرب سبحانه وعلى تقديره للأشياء بنظام وإتقان وإحكام، وكل من تتبع نصوص القرآن يجدها تدور على هذا البيان، فالقضاء في سائر استعمالاته هو بمعنى الفراغ من الشيء، فالقضاء والقدر معناهما أن الله سبحانه قد أوجد هذا العالم مقدرا بمقادير متقنة مضبوطة محكومة بسنن لا تقبل التغيير ولا التبديل وأنه قد فرغ من ذلك فراغا لا يعقبه تعديل ولا تبديل ولا زيادة ولا نقص {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}.

يقول الله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} أي جعله ذا مقادير منظمة متقنة محكمة كقوله: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} ومنه قوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} أي بتقدير ونظام متقن كل شيء بحسبه فلم يخلق شيئا بطريق الصدفة ولا الطبيعة، ونظير هذه الآية قوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ} أي بقدر حاجة الناس ليس بالكثير المنهمر المستمر فيهلك حرثهم ومواشيهم ولا قطعة واحدة فيضر البنيان، ونظيره قوله: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ}، وقوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ} هو نظير قوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} لفظا ومعنى، وهو يرجع إلى قوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} أي جعله ذا مقادير متناسبة ثابتة: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}، نظيره قوله: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} أي جعلناه ذا مقادير ينزل كل

<<  <   >  >>