وقال ابن كثير في تفسير سورة الأحزاب عند قول الله تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} فهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بعده بالطريق الأولى والأحرى لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة فإن كل رسول نبي ولا ينعكس. انتهى.
وقال ابن كثير أيضا في تفسير سورة المدثر بعد ما قرر أن أول ما نزل من القرآن أول سورة (اقرأ) قال: وقوله تعالى: (قم فأنذر) أي شمر عن ساق العزم وأنذر الناس وبهذا حصل الإرسال كما حصل بالأول النبوة. انتهى.
وأما الدليل من السنة ففي عدة أحاديث أحدها ما رواه الإمام أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل: اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت فإن مت؛ مت على الفطرة واجعلهن آخر ما تقول» فقلت: استذكرهن وبرسولك الذي أرسلت قال: (لا، ونبيك الذي أرسلت) وفي رواية الترمذي قال البراء: فقلت وبرسولك الذي أرسلت قال: فطعن بيده في صدري ثم قال: «وبنبيك الذي أرسلت».
وهذا الحديث صريح في التفريق بين الرسول والنبي وقد استدل به غير واحد من أكابر العلماء على التفريق بينهما، وقد تقدم كلام القرطبي في ذلك قريبا.