وروي القاضي أبو الحسين في طبقات الحنابلة من طريق أبي بكر الآدمي المقري حدثنا الفضل بن زياد القطان قال: سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يقول: من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة.
وذكر القاضي أبو الحسين أيضا في ترجمة الحسن بن علي بن خلف أبي محمد البربهاري - وهو من أعيان العلماء في آخر القرن الثالث وأول القرن الرابع من الهجرة - أنه قال في كتابه (شرح السنة): ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام حتى يرد آية من كتاب الله عز وجل أو يرد شيئا من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يصلي لغير الله أو يذبح لغير الله فقد وجب عليك أن تخرجه من الإسلام وقال البربهاري أيضا: من رد آية من كتاب الله فقد رد الكتاب كله ومن رد حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رد الأثر كله وهو كافر بالله العظيم.
وذكر القاضي أبو الحسين أيضا في ترجمة إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقلا أنه قال: من خالف الأخبار التي نقلها العدل عن العدل موصولة بلا قطع في سندها ولا جرح في ناقليها وتجرأ على ردها فقد تهجم على رد الإسلام لأن الإسلام وأحكامه منقولة إلينا بمثل ما ذكرت. انتهى.
وإذا علم هذا ففي الحديث الذي ذكرنا في عدد الرسل أبلغ رد على ابن محمود في تخطئته من عد الرسل وزعمه أن من عدهم فقد تكلف ما لا علم له به، وما يدري هدانا الله وإياه ووفقنا جميعا لاتباع الحق أن كلامه هذا يتناول النبي صلى الله عليه وسلم، وما أعظم ذلك وأبشعه وأشد الحكم فيه، فالواجب عليه أن يبادر إلى التوبة من هذا الزلة العظيمة.