وروي الإمام أحمد أيضا بإسناد صحيح عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رجلا من جهينة أو من مزينة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه شيء قضى عليهم ومضى عليهم في قدر قد سبق، أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم واتخذت عليهم به الحجة قال:«بل شيء قضى عليهم ومضى عليهم» قال: فلمَ يعملون إذا يا رسول الله؟ قال:«من كان الله عز وجل خلقه لواحدة من المنزلتين بهيئة لعملها وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}» وقد رواه أبو داود الطيالسي بإسناد صحيح، ومسلم بنحوه وفيه عند مسلم قصة لأبي الأسود الدؤلي مع عمران بن حصين رضي الله عنهما وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.
وروي الإمام أحمد أيضا وأبو داود من حديث ابن عمر رضي الله عنهما نحوه.
قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى في تفسير سورة (والشمس وضحاها) بعد إيراده لحديث عمران بن حصين رضي الله عنهما: فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن تصديق ما أخبر به من القضاء قوله: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} والذي في الحديث هو القدر السابق من علم الله وكتابه وكلامه، وهذا إنما تنكره غالية القدرية. وأما الذي في القرآن فهو خلق الله أفعال العباد وهذا أبلغ فإن القدرية المجوسية تنكره، فالذي في القرآن يدل على ما في الحديث وزيادة ولهذا جعله النبي صلى الله عليه وسلم مصدقا له انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى صفحة ٢٣٢ ج ١٦ مجموع الفتاوى.