الوجه الثالث: أن يقال: إن الأصل في التفريق بين الرسول والنبي هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم ذكر الأدلة منهما على ذلك، وإذا كان هذا الأصل قد خفي على ابن محمود ولم يجده فقد ظهر ذلك لغيره من العلماء ووجدوه صريحا في الكتاب والسنة، وقد ذكرت أقوال المفسرين وشراح الأحاديث وغيرهم من أكابر الأئمة في ذلك فليراجع.
وأما العاشر وهو قوله في صفحة (٦):إن ابن الجوزي وكثيرا من العلماء ذكروا حديث أبي ذر في الموضوعات.
فجوابه: أن يقال: قد جاء في آخر تفسير سورة النساء من تفسير ابن كثير بعد ذكر رواية ابن مردويه لحديث أبي ذر رضي الله عنه ما نصه، وقد روى هذا الحديث بطوله الحافظ أبو حاتم ابن حبان البستي في كتابه الأنواع والتقاسيم وقد وسمه بالصحة وخالفه أبو الفرج ابن الجوزي فذكر هذا الحديث في كتابه الموضوعات واتهم به إبراهيم بن هشام ولا شك أنه قد تكلم فيه غير واحد من أئمة الجرح والتعديل من أجل هذا الحديث والله أعلم انتهى ما جاء في تفسير ابن كثير، والظاهر أن ابن محمود قال ما نسبه إلى ابن الجوزي تقليدا لما جاء في تفسير ابن كثير، وقد تصفحت كتاب الموضوعات لابن الجوزي من أوله إلى آخره وتتبعته حديثا؛ حديثا فما وجدته ذكر حديث أبي ذر رضي الله عنه ولا أشار إليه، وتصفحت أيضا عدة كتب مما صنف في الموضوعات فما وجدتهم ذكروا حديث أبي ذر رضي الله عنه ولا أشاروا إليه، وهذا مما يثير الشك فيما جاء في تفسير ابن كثير فلعله مقحم فيه وليس من كلام ابن كثير والله علم.
وإذا علم هذا فحديث أبي ذر رضي الله عنه قد رواه ابن حبان في صحيحه مطولا، وروى الحاكم في مستدركه طرفا منه في فضل آية الكرسي وصححه ووافقه الذهبي على تصحيحه. وقد روي بعضه من حديث أبي أمامة وعوف بن مالك رضي الله عنهما، وروى الطبراني والحاكم طرفا من حديث أبي أمامة رضي الله عنه في ذكر نبوة آدم وعدد الرسل، قال الهيثمي: ورجال الطبراني رجال الصحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي في تلخيصه، وروى ابن حبان في صحيحه طرفا منه