للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الإيمان بأن الله على كل شيء قدير وفعال لما يريد وأنه يعلم ما كان وما سيكون كيف يكون؛ فهو من الإيمان بالقدر؛ ولكن لا يكفي عن الإيمان بتقدير الله لجميع الأشياء وكتابته لها في اللوح المحفوظ قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة فالكل يجب الإيمان به.

وكذلك الإيمان بما أخبر الله به من صنع خلقه وتقديره للأشياء بنظام وإتقان هو من الإيمان بأن الله تعالى هو الخالق الذي أوجد جميع الكائنات وأتقنها، ولا يكفي الإيمان بذلك عن الإيمان بكتابة المقادير قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.

وقد كان مشركو قريش مقرين بأن الله تعالى هو الخالق لجميع الأشياء كما أخبر الله بذلك عنهم في قوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} وقال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} إلى غير ذلك من الآيات في هذا المعنى. وكانوا مع إيمانهم بأن الله تعالى هو الخالق لجميع الأشياء يخاصمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر كما سيأتي بيان ذلك في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقد توعدهم الله على تكذيبهم بالقدر بأنهم سيسحبون في النار على وجوههم ويقال لهم: ذوقوا مس سقر، ولم ينفعهم إيمانهم بالخلق وإتقان الأشياء وتنظيمها عن الإيمان بالقدر السابق.

وأما قول الإمام أحمد رحمه الله تعالى (القدر قدرة الله) فمعناه أن تقدير الرب تبارك وتعالى لكل ما هو كائن قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ثم إيجاده للكائنات على وفق ما قدره وقضاه يدل على قدرته العظيمة، فمن أثبت

<<  <   >  >>