القرن الثامن فما بعده، وكل من ذكرت أقوالهم فيما تقدم ومن أشرت إليهم هاهنا ولم أذكر أقوالهم يكونون على زعم ابن محمود قد قالوا قولا يجب تنزيه الأنبياء عنه وفرقوا بين الأنبياء فآمنوا ببعضهم ولم يؤمنوا ببعضهم، ولا يخفى ما في هذا القول المحدث من المجازفة السيئة والتحامل الذميم، ولا شك أنهم هم المصيبون في تفريقهم بين الرسول والنبي وأن الخطأ لازم لمن شذ عنهم وخالف قولهم كالمعتزلة ومن نحا نحوهم وقال بقولهم الباطل في المنع من التفريق بين الرسول والنبي.
الوجه الخامس: إننا ننزه ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهدا وجميع الذين صرحوا بالتفريق بين الرسول والنبي مما زعمه ابن محمود من كونهم فرقوا بين الأنبياء في الإيمان وأنهم قالوا قولا يجب تنزيه الأنبياء عنه.
الوجه السادس: أن يقال: ليس التفريق بين الرسول والنبي من التفريق الذي يجب تنزيه الأنبياء عنه وإنما هو من التفضيل الذي قال الله تعالى فيه: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} ففضل بعض الأنبياء بالرسالة كما فضل بعض الرسل على بعض ففضل أولي العزم على سائر الرسل فضل إبراهيم ومحمدا صلى الله عليه وسلم على الجميع بالخلة، وفضل آدم بأن خلقه بيديه ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته، وفضل موسى عليه الصلاة والسلام بالتكليم، فضل عيسى عليه الصلاة والسلام بأنواع من التفضيل، ولم يقل أحد أن تفضيل بعض الرسل على بعض من التفريق بينهم فكذلك يقال في تفضيل بعض الأنبياء على بعض بالرسالة.
قال القاضي عياض في كتابه (الشفا) بعد أن ذكر الأحاديث الواردة في النهي عن التفضيل بين الأنبياء وذكر أقوال العلماء في تأويلها - إلى أن قال - الوجه الرابع منع