ولا ريب أنه متى ضعف الإيمان الباطن لزم منه ضعف أعمال الجوارح الظاهرة أيضا، لكن اسم الإيمان ينفى عمن ترك شيئا من واجباته كما في قوله:«لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» وقد اختلف أهل السنة هل يسمى مؤمنا ناقص الإيمان أو يقال ليس بمؤمن لكنه مسلم؟ على قولين وهما روايتان عن أحمد، وأما اسم الإسلام فلا ينتفي بانتفاء بعض واجباته أو انتهاك بعض محرماته وإنما ينفي بالإتيان بما ينافيه بالكلية انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى.
وفيما ذكرته من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير وابن رجب كفاية في الرد على ابن محمود في زعمه أن مسمى الإسلام والإيمان واحد وأن المسلمين هم المؤمنون فلا يقال فلان مسلم وليس بمؤمن.
الوجه السادس: أن يقال: في الآية التي أوردها ابن محمود وهي قوله تعالى في سورة الأحزاب: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} الآية أوضح دليل على رد قوله أن مسمى الإسلام والإيمان واحد لأن الله تعالى وصف المؤمنين والمؤمنات في الآية الكريمة بحفظ الفروج كما وصفهم بذلك في سورة المؤمنين حيث يقول تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}، وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا يزني الزاني وهو مؤمن» متفق عليه فنفى الإيمان عن الزاني حين يزني ولم ينف عنه الإسلام فدل على أنهما متغايران، وقد تقدم ما ذكره الإمام أحمد عن عطاء أنه قال: يتنحى عنه الإيمان، وعن طاوس أنه قال: إذا فعل ذلك زال