وقد ذكر ابن محمود السبب الحامل له على ضرب هذا المثل المبتكر وهو أنه ليس عنده وصف الكتابة ولا القلم المكتوب به ولا المكتوب فيه.
وأقول كان ينبغي أن يسعه ما وسع الصحابة والتابعين وجميع أهل السنة والجماعة من الإيمان بما جاء في نصوص الكتاب والسنة من إثبات كتابة المقادير، وإثبات القلم الذي كتبت به المقادير، وإثبات اللوح المحفوظ الذي كتبت فيه المقادير وإمرار النصوص كما جاءت وترك البحث والتنقيب عما أخفى علمه من الأمور الغيبة وأن لا يتعرض لها بالتأويل وضرب الأمثال.
الخطأ السابع: ما يلزم على قوله في كتابة المقادير إنها عبارة عن سبق علم الله بالأشياء قبل وقوعها مع إيراده لحديث «إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض» أن يكون الله غير عالم بالأشياء في الأزل وإنما علم بها قبل خلق السموات والأرض بخمسمائة على حد ما جاء في تعبير ابن محمود. وهذا موافق لقول غلاة القدرية الذين نبغوا في آخر عصر الصحابة ورد عليهم ابن عمر وابن عباس وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم وتبرؤا منهم، ومن اعتقد هذا المعتقد الباطل فقد وصف الرب تبارك وتعالى بالجهل قبل كتابته للمقادير، وهذا من أقبح الأقوال وأشنعها وقد ذكر شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمة الله تعالى في جواب له أن هذا القول مهجور باطل مما اتفق على بطلان السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر علماء المسلمين، بل كفّروا من قاله، والكتاب والسنة مع الأدلة العقلية تبين فساده انتهى من مجموع الفتاوى ج ٨ صفحة ٤٩١.