الآية الثانية قوله تعالى في سورة الحديد:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْ لَا تَاسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} قال ابن الجوزي في تفسيره قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ}:يعني قحط المطر وقلة النبات ونقص الثمار {ولا في أنفسكم} من الأمراض وفقد الأولاد {إِلَّا فِي كِتَابٍ} وهو اللوح المحفوظ {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} أي: نخلقها يعني الأنفس {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} أي: إثبات ذلك على كثرته هين على الله عز وجل انتهى، وفي تفسير البغوي وابن كثير نحو ذلك.
وقال ابن جرير: حدثني يعقوب حدثنا ابن علية عن منصور بن عبد الرحمن قال: كنت جالسا مع الحسن فقال رجل سله عن قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} فسألته عنها فقال: سبحان الله ومن يشك في هذا كل مصيبة بين السماء والأرض ففي كتاب الله من قبل أن يبرأ النسمة.
قال ابن كثير: وهذه الآية العظيمة من أدل دليل على القدرية نفاة العلم السابق قبحهم الله، وقوله تعالى:{إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} أي أن علمه تعالى الأشياء قبل كونها وكتابته لها طبق ما يوجد في حينها سهل على الله عز وجل لأنه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، وقوله تعالى:{لِكَيْ لَا تَاسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ} أي: أعلمناكم بتقدم علمنا وسبق كتابتنا للأشياء قبل كونها وتقديرنا الكائنات قبل وجودها لتعلموا أن ما أصابكم لم يكن ليخطئكم وما أخطأكم لم يكن ليصيبكم فلا تأسوا على ما فاتكم لأنه لو قدر شيء لكان {وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ} أي أعطاكم، أي لا تفخروا على الناس بما أنعم الله به عليكم فإن