فذهب علي - فقال: يا محمد أين التقيا؟ قال: فغضب هارون، وقال: من طرح إليك هذا؟ وأمر به فحبس ووكل بي من حشمه من أدخلني إليه في محبسه، فقال: يا محمد والله ما هو إلا شيء خطر ببالي، وحلف لي بالعتق وصدقة المال وغير ذلك من مغلظات الأيمان ما سمعت ذلك من أحد ولا جرى بيني وبين أحد في هذا كلام وما هو إلا شيء خطر ببالي لم يجر بيني وبين أحد فيه كلام، قال: فلما رجعت إلى أمير المؤمنين كلمته قال: ليدلني على من طرح إليه هذا الكلام فقلت: يا أمير المؤمنين قد حلف بالعتق ومغلظات الأيمان أنه إنما هو شيء خطر ببالي لم يجر بيني وبين أحد فيه كلام قال: فأمر به فأطلق من الحبس وقال لي: يا محمد ويحك إنما توهمت أنه ألقى إليه بعض الملحدين هذا الكلام الذي خرج منه فيدلني عليهم فأستبيحهم، وإلا فأنا على يقين أن القرشي لا يتزندق، قال هذا أو نحوه من الكلام. انتهى.
وروى أبو عثمان الصابوني في عقيدته بإسناده عن محمد ابن حاتم المظفري قال: كان أبو معاوية الضرير يحدث هارون الرشيد فحدثه بحديث أبي هريرة «احتج آدم وموسى» فقال عيسى بن جعفر: كيف هذا وبين آدم وموسى ما بينهما؟، قال: فوثب به هارون وقال: يحدثك عن الرسول صلى الله عليه وسلم وتعارضه بكيف؟ قال: فما زال يقول حتى سكت عنه.
قال: الصابوني هكذا ينبغي للمرء أن يعظم أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقابلها بالقبول والتسليم والتصديق وينكر أشد الإنكار على من يسلك فيها غير هذا الطريق الذي سلكه هارون الرشيد مع من اعترض على الخبر الصحيح الذي سمعه بكيف على طريق الإنكار له، والابتعاد عنه ولم يتلقه بالقبول كما يجب أن يتلقى جميع ما يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم. انتهى.