وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه (شفاء العليل): وقد رد هذا الحديث من لم يفهمه من المعتزلة كأبي علي الجبائي ومن وافقه على ذلك، وقال: لو صح لطلت نبوات الأنبياء، فإن القدر إذا كان حجة للعاصي بطل الأمر والنهي فإن العاصي بترك الأمر أو فعل النهي إذا صحت له الحجة بالقدر السابق ارتفع اللوم عنه.
وهذا من ضلال فريق الاعتزال وجهلهم بالله ورسوله وسنته، فإن هذا حديث صحيح متفق على صحته لم تزل الأمة تتلقاه بالقبول من عهد نبيها قرنا بعد قرن وتقابله بالتصديق والتسليم، ورواه أهل الحديث في كتبهم وشهدوا به على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قاله وحكموا بصحته، فما لأجهل الناس بالسنة ومن عرف بعداوتها وعداوة حملتها والشهادة عليهم بأنهم مجسمة ومشبهة حشوية وهذا الشأن، ولم يزل أهل الكلام الباطل المذموم موكلين برد أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تخالف قواعدهم الباطلة وعقائدهم الفاسدة - ثم ذكر أمثلة مما رده أهل البدع من الأحاديث الصحيحة إلى أن قال: إذا عرفت هذا فموسى أعرف بالله وأسمائه وصفاته من أن يلوم على ذنب قد تاب منه فاعله فاجتباه ربه بعده وهداه واصطفاه، وآدم أعرف بربه من أن يحتج بقضائه وقدره على معصيته، بل إنما لام موسى آدم على المصيبة التي نالت الذرية بخروجهم من الجنة ونزولهم إلى دار الابتلاء والمحنة بسبب خطيئة أبيهم، فذكر الخطيئة تنبيها على سبب المصيبة والمحنة التي نالت الذرية ولهذا قال له: أخرجتنا ونفسك من الجنة. وفي لفظ خيبتنا، فاحتج آدم بالقدر على المصيبة وقال: إن هذه المصيبة التي نالت الذرية بسبب خطيئتي كانت مكتوبة بقدره قبل خلقي. والقدر يحتج به في المصائب دون المعائب، أي أتلومني على المصيبة