للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير ذراع أو ذراعين فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها». فيه أن السعيد قد يشقى وأن الشقي قد يسعد لكن بالنسبة إلى الأعمال الظاهرة. وأما ما في علم الله تعالى فلا يتغير، وفيه أن الاعتبار بالخاتمة، قال ابن أبي جمرة: هذه التي قطعت أعناق الرجال مع ما هم فيه من حسن الحال لأنهم لا يدرون بماذا يختم لهم، وفيه أن عموم مثل قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ} الآية مخصوص بمن مات على ذلك، وأن من عمل عمل السعادة وختم له بالشقاء فهو في طول عمره عند الله شقي وبالعكس، وما ورد مما يخالفه يؤول إلى أن يؤول إلى هذا، وقد اشتهر الخلاف في ذلك بين الأشعرية والحنفية وتمسك الأشاعرة بمثل هذا الحديث، وتمسك الحنفية بمثل قوله تعالى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} وأكثر كل من الفريقين الاحتجاج لقوله. والحق أن النزاع لفظي وأن الذي سبق في علم الله لا يتغير ولا يتبدل وأن الذي يجوز عليه التغيير والتبديل ما يبدو للناس من عمل العامل ولا يبعد أن يتعلق ذلك بما في علم الحفظة والموكلين بالآدمي فيقع فيه المحو والإثبات كالزيادة في العمر والنقص، وأما ما في علم الله فلا محو فيه ولا إثبات والعلم عند الله.

انتهى.

وقد جاء في حديث صحيح أن ما سبق به القضاء والقدر من الرزق والأجل لا يتغير ولا يتبدل، فروى مسلم في صحيحه عن المعرور بن سويد عن عبد الله قال: قالت أم حبيبه زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها: اللهم أمتعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قد سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة لن يعجل شيئا قبل حله أو يؤخر شيئا عن حله ولو كنت سألت

<<  <   >  >>