أما الطريق الثانية المرسلة والتي رواها الواحدي؛ فوصلها ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (٢/ ٣٩٤) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (١٠/ ٢٣٤، ٢٣٥ رقم ٢٤٧) قال: ثني إبراهيم بن محمد ثني أبو بكر محمد بن علي المقرئ البغدادي ثنا جعفر بن محمد الطيالسي ثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة ثنا أبو عاصم النبيل ثنا عثمان بن الأسود عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. قال شيخنا في "نصب المجانيق" (ص ٨، ٩): "وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، وكلهم من رجال "التهذيب" إلا من دون ابن عرعرة ليس فيهم من ينبغي النظر فيه غير أبي بكر محمد بن علي المقرئ البغدادي، وقد أورده الخطيب في "تاريخ بغداد" (٣/ ٦٨، ٦٩) -ونقل ما قال عنه الخطيب- ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا فهو مجهول الحال، وهو علة هذا الإسناد الموصول. ثم قال: فثبت مما تقدم صواب ما كنا جزمنا به قبل الاطلاع على إسناد ابن مردويه: "أن العلة فيه فيمن دون أبي عاصم النبيل، وازددنا تأكدًا من أن الصواب عن عثمان بن الأسود إنما هو عن سعيد بن جبير مرسلًا كما رواه الواحدي خلافًا لرواية ابن مردويه عنه. وبالجملة؛ فالحديث مرسل ولا يصح عن سعيد بن جبير موصولًا بوجه من الوجوه. قال الحافظ في "الكافي الشاف" عقبه: "ولم يشك في وصله، وهذا أصح طرق الحديث". اهـ. والغريب أن ابن حجر لما تكلم على الحديث في "الفتح" لم يذكر هذه الطريق والتي صححها، فلو كان إسناد ابن مردويه الموصول صحيحا عند الحافظ؛ لردّ به على القاضي عياض في معرض رده عليه، ولما جعل عمدته في الرد عليه هو كثرة الطرق، وهذا بيّن لا يخفى؛ قاله شيخنا ﵀ في "نصب المجانيق" (ص ٧) مع تصرف فيه. ثم قال شيخنا: "إن الحافظ في كتابه "فتح الباري" لم يشر أدنى إشارة إلى هذه الطريق فلو كان هو أصح طرق الحديث لذكره بصريح العبارة، ولجعله عمدته في هذا الباب". =