وعليه، فقد تبين لنا من هذا التخريج أن الصواب في الحديث الإرسال. وقد أخرج الطبري في "جامع البيان" (١٨/ ٣) من طريق الحجاح الصواف عن ابن سيرين؛ قال: كان أصحاب رسول الله ﷺ يرفعون أبصارهم إلى السماء، حتى نزلت: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)﴾؛ فقالوا بعد ذلك برؤوسهم هكذا. قلنا: وفي هذا مخالفة لما رواه ابن عون وأيوب وخالد الحذاء، من أن فاعل ذلك كان النبي ﷺ، والظاهر أن الخطأ من محمد بن حميد الرازي شيخ الطبري؛ فإنه ضعيف؛ كما في "التقريب"؛ بل إنه اتهم، وضعفه بعضهم جدًا، وقال ابن حبان في "المجروحين" (٢/ ٢٠٣): "كان ممن ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات". بل قال ابن العربي المالكي في "الناسخ والمنسوخ" (٢/ ٣٠٩): "وحديث ابن سيرين باطل! وما روى غيره لا أصل له، إنما روى في "الصحيحين": "إنا كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾؛ فأمرنا بالسكوت". وألمح في كتابه "أحكام القرآن" (٣/ ١٢٩٥) لضعفه. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٦/ ٨٣، ٨٤) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه. وأخرج سنيد في "تفسيره" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" (١٨/ ٣) -: ثني حجاج عن ابن جريج؛ قال: قال لي غير عطاء: كان النبي ﷺ إذا قام في الصلاة نظر عن يمينه ويساره ووجاهه، حتى نزلت: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)﴾؛ فما رؤي بعد ذلك ينظر إلى الأرض. قلنا: وهذا إسناد واه؛ مسلسل بالعلل: الأولى: سنيد صاحب "التفسير" ضعيف. الثانية: حجاج بن محمد، اختلط بآخره. =