للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفقه وأهله فاترة، وصوارم التقصير فيه والتقييد عنه باترة، والقرائح والأفكار باردة، ونار الحذر والجد خامدة، وعين الخوف والخشية جامدة، وزهد الأعلام في التعليم وتعلم الأحكام، وميلهم إلى الحطام والطغام، وكثرة الجهال وتناصرهم، وقلة العلماء وتقاصرهم، وطلب الطلبة أقصر طريق، وأبصر تحقيق، وأنظر تدقيق، وأوفق تلفيق، وأليق تنميق. وكثر سؤال من يعز صدهم، ويكره ردهم، ويشكر قصدهم، في تلخيص ألفاظ أحكام كتاب "الهداية"، تأليف الشيخ الإِمام العالم أبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني، وتنقيح مسائله، وحذف أكثر مكرره وتناقضه، وزياداته اللاغية ورذالته. وكان الفقه أكثر أنواع المعلوم نفعًا، وأقومها بمعرفة الأحكام شرعًا، وأعظمها للفنون جمعًا، وأجز لها أجرًا، وأجملها ذخرًا، وأحمدها دنيا وأخرى، وأعلاها في النفوس قدرًا، وأغلاها على خاطبه مهرًا، إذ لابد فيه من فهم واف، وذهن صاف، وتأمل شاف، وفنون عديدة، وأحوال رشيدة، وآراء سديدة، وأفعال سعيدة، وحفظ وإتقان، ومرشد وزمان، وحرص وإمكان، وعليه مدار أحكام الحكام، وإليه (١) مرجع الخاص والعام، وبه يعرف الحلال والحرام، وبقية الأحكام، وبه تحفظ الدماء والأموال، وتلحظ الأقوال والأفعال، وتصان العقول والأنساب، والأعراض والأحساب، وقد رفع الله قدره وعظمه، وخص به غالبًا من عباده من كرمه، وندبهم إلى إنذار بريته، ومنحهم ميراث أهل نبوته، وأقامهم للقيام بحجته، والإِخبار بشريعته، وأمر غيرهم بسؤالهم، والأخذ


(١) في الأصل كانت: عليه، ثم صوبها.

<<  <   >  >>