قمري في الأسحار ومَجّد، على غصون أشجار وبناء مشيد. وبعد: فقد وقفت على مواضع من هذا المؤلف الفريد، والجمع الحسن المفيد، وتأملت ما فيه من الدرر والجواهر، وتذكرت حينئذ المثل السائر: كم ترك الأول للآخر. فلله دره من مؤلف هام، ونحرير علام، ووجدت مؤلفه قد أحسن ما صنع، وحرر وجمع، فليتلق بالقبول، وليرجع إلى ما فيه من المنقول، وقد أجزته أن يفيد من أراد الإفادة، فإنه أهل لذلك وزيادة، جعلني الله وإياه من المخلصين في خدمته، الفائزين بمغفرته ورحمته، وختم لنا أجمعين بالحسنى، وبوأنا من قربه المحل الأسنى، إنه على كل شيء قدير، وبالإِجابة جدير.
وهذا صورة ما كتبه العلامة الإِمام والفهامة الهمام شيخ الإِسلام أبو المواهب البكري الصديقي نفع الله به وفسح في مدته.
بحمد رب البرايا صرت مرعيا ... وبالصلاة على المختار محميا!
ثم الرضى عن جميع الصحب قاطبة ... مَنْ فضلُهم سار شرقيًا وغربيا
وبعد هذا كتاب كله درر ... ولم تر العين أعلى منه مرئيًا
عقد فريد به كل العلوم ترى ... منشيه دام بعون الله مرعيًا
فعلمه مقنع كاف لطالبه ... بفضله صار معنيًا ومغنيًا
ومنتهى لإرادات الأنام به ... بحر ومنه غدا الظمآن مرويًا
حديثه من قديم مرسل حسن ... معنعن نقله قد صح مرويًا
فقد إلى نحوه كل الأنام سعت ... فاعجب له صار فقهيًا ونحويا
مبناه أعرب عن فضل علا وغلا ... فأعجب له معربًا قد صار مبنيًا
فنفع (١) الله رب العالمين به ... نفعًا وأولاه فضلًا منه مأتيا
وأنا ابن صديق خير الخلق كلهم ... أبو المواهب بالمختار محميا!
صلى عليه إله العرش ما طلعت ... شمس وما لاح برق الحي نجديا