للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأنوار ومفاتيح الأسرار. أما بعد، فقد وقفت على هذا الأنموذج الغريب، والنمط العجيب، من هذا المؤلف البديع، والمصنف الرفيع، فوجدته قد شيدت أركان مجده على هامة العلياء، وأيدت دلائل سعده بما تقصر عنه الجوزاء، سهل العبارة إلا أنه الممتنع، بديع الإِشارة إلا أنه الرحب المتسع، أوجز وما أخَلَّ، وأطنب وما أمَلَّ، فسرحت ناظري في زوايا خفياته، وشرحت خاطري بمزايا جلياته، فقلت: تبارك الخلاق، وناديت: سبحان الرزاق، ما هذه إلا منح ربانية، ومنن رحمانية، غردت بها على أفنان اليراعة حمائم البراعة، وهتفت بفنونها سواجع نَصَاعة الصناعة، قد أحكمت أيدي مؤلفه من أيادي التحقيق برود الفوائد، وأرسلت من أرسال فوضها فيها فنون الفوائد، وصار الحكم بهذا الشاهد؛ أن مؤلفه الجهبذ الأوحد، وما شهدنا لهذا الحاكم إلا بما علمنا وبذلك أشهد ولقد وكلنا جانب التزكية في ألسنة العصر، وبموجب ما قلناه تقول أعيان الدهر، فعين الله على ذلك المرعي الماجد، وحراسته دائرة من بين يديه في كافة المراصد، وأسأله أن يمنحني من صالح دعواته، وأن يتحفني من فائض توجهاته، وأن لا يخليني من توجه خواطره الخطيرة، إلى العالم بكل ضمير وسريرة، وصلى الله على محمد الفاتح الخاتم، المنعوت بأبي القاسم، وعلى آله الكرام، وصحبه العظام، والتابعين لهم إلى يوم القيامة آمين.

وهذا صورة ما كتبه العلامة المحقق الشيخ أحمد الغنيمي الأنصاري رحمه الله تعالى: حمدًا لمن فاوت بين العقول، وصلاة وسلامًا على أشرف رسول، القائل: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" (١) وعلى آله وأصحابه الراشدين المهديين، وبعد. فلما وقفت على هذا المؤلف البديع،


(١) تقدم تخريجه (ص/ ٣٧).

<<  <   >  >>